× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

خطاب الكراهية.. جزءٌ من «هم» و«نحن»

حكاياتنا - خبز 29-09-2021

كم واحد/ة يطالهـ/ـا يومياً خطاب الكراهية، بسبب اختلاف في الفكر، أو الثقافة، أو الانتماء، بقصد أو من دون قصد؟ كم رسالة كراهية يقدمها الإعلام السوري بكل اصطفافاته السياسية كل يوم؟ في سطور هذا التقرير تجارب مع خطاب الكراهية، وآراء عن دور الإعلام في تعزيز الكراهية، والتنمر، والوصم، وأسئلة عن المستقبل، والحلول، لا يسهل إيجاد إجابات عنها

«شو هالشعر؟ بتشبه الرجال! هنن، هدونك، صاير/ ة، حكيهن دج، لهجتهن بشعة...» إلخ. 

هي ثقافة الـ«مثل»، وثقافة الـ«نحن، وهم»، صارت مكرّسة بوضوح في يوميات السوريين والسوريات بعد الحرب. لا شك أنها كانت موجودة في السابق، تحضر عبر مثلٍ شعبي، أو أغنية ما، أو في سياق حديث هامس، لكنها بعد العام 2011 تحولت تدريجياً إلى جزء من خطاب يومي يتردد في الشوارع، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، تعلمه أطفالٌ ونقلوه إلى ألعابهم. 

خطابٌ صار فيه التنمر لغةً عادية، والوصم والكراهية ضرورتين خبريتين سواء في قصة بين نساء الحارة، أو «جلسة رجال» في المقهى، أو تقرير من أرض معركة. حجز خطاب الكراهية حصة وازنة من اللسان السوري، في الهزل كما في الجد. 

البعبع «ع الوجع»!

«هالدكتور الكلب»، هكذا وصفت صديقة سيماف أستاذاً جامعياً طردها من المحاضرة، لكنها حرصت على الإشارة إلى قومية الدكتور قبل نعت الكلب مباشرة.

وقفت سيماف (29 عاماً) عاجزة عن الرد على زميلتها، واكتفت بالمغادرة، ليدور حوار داخلي بينها وبين نفسها: لماذا تحدثت صديقة عمرها العربية بهذه الطريقة؟ ما علاقة قومية الدكتور بما دار في ذلك الصباح؟ 

تعود تلك الواقعة إلى بدايات الحدث السوري، أما اليوم، وبعد 11 عاماً من الدم فقد ازداد خطاب الكراهية عمقاً، ودخل إلى مساحات يفترض أنها آمنة من حيوات كثير من الأشخاص. تتحدث نيفين (فنانة، عمرها 24 عاماً) عن تجربة حديثة لها مع التنمر، بعد أن اختارت لشعرها قَصة شديدة القِصر، وصارت تسمع يومياً عبارات مثل: «هي صبي ولا بنت؟! طالعة متل الزلم! وخصوصاً إنها قد الدبة». 

دخلت الشابة في حالة نفسية سيئة، وانطوت على نفسها، لكنها قررت بمساعدة صديقها مواجهة الواقع وخرجت مجدداً إلى الشارع. 

تتساءل نيفين عن دوافع من يوجه عبارات كهذه، وتؤكد أنها ستستوقف كل من يوجه لها خطاباً من هذا النوع، وتسأله عن شعوره! 

منذ بواكير الحدث السوري كان الإعلام حاضراً بفاعلية في خطاب تمييزي، واضح حيناً، ومستتر أحياناً. بمرور الوقت صار أكثر اصطفافاً على طرفي الصراع، وتعمقت الانقسامات على وقع خطاب كراهية، وخطاب كراهية مضاد

أمام تفاقم كل هذه الظواهر الاجتماعية في الشارع، وعلى «السوشال ميديا»، جاءت مبادرة حملت اسم «البعبع» تتناول خطاب الكراهية، وتوضحه للناس بقوالب إعلامية بسيطة، تشرح معنى الكراهية، والتنمر، والوصم، وما آثار ومخاطر كل منها.

يقول غيث - وهو مؤسس هذه المبادرة - إن «الدافع الأساسي لإطلاق المبادرة هو تزايد الانقسامات داخل المجتمع السوري بسبب الحرب، والظروف النفسية التي يمر بها الجميع، داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى الدور الجوهري لمواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز هذا الخطاب». 

يوضح الشاب لـ«صوت سوري» أن الحملة «استهدفت الشريحة العمرية بين 15 و29 عاماً، ولم تقتصر على التعريف بخطاب الكراهية، بل تطرقت إلى كيفية حماية النفس من هذا الخطاب بالتعريج على القانون السوري». 

أما الهدف البعيد جداً - على حد تعبير غيث - فهو «الوصول إلى مجتمع يتبادل أفراده الاحترام على أساس التنوع، واحترام الاختلاف، وتقبل الآخر بهدف تعزيز التماسك المجتمعي». 

تعرضت الحملة أول الأمر إلى انتقادات على مبدأ «مو وقته»، والأهم «تسليط الضوء على الحاجات الأساسية من مياه، وخبز، وكهرباء». لكن الفريق استمر في مبادرته، واستطاع أن يتلقى رسائل من أشخاص تعرضوا لخطاب الكراهية، وقدم استجابات مفيدة.

«هم» السبب!

منذ بواكير الحدث السوري كان الإعلام حاضراً بفاعلية في خطاب تمييزي، واضح حيناً، ومستتر أحياناً. بمرور الوقت صار الإعلام أكثر اصطفافاً على طرفي الصراع، وعلت فيه نبرة خطاب الكراهية بأشكاله المختلفة، فتعمقت الانقسامات على وقع خطاب كراهية، وخطاب كراهية مضاد. 

يتحدث الصحافي والشاعر عمر الشيخ عن دور الإعلام في تعزيز خطاب الكراهية، ويرى أن «الأداء الإعلامي السوري في هذا الإطار هو نتاج أدلجة سياسية صبغته بخطاب تفرقة، بدلاً من أن يكون خطابه جامعاً، وبالتالي الاصطفافات اليوم لا تتوقف عند مؤيد ومعارض، إنما هي اصطفافات طائفية، ومصالحية، مع بروز أصوات داعية إلى التخلي عن الحريات للحفاظ على الاستقرار، والحياة».

يتساءل الشيخ: «كيف سيصُدر خطاب جامع عن وسائل إعلام تتبع جهات لديها سياسات تفرقة، وتتناول المجريات بحسب توجه الجهة الداعمة»؟ بينما تؤكد زميلته هلا (اسم مستعار لإعلامية في الخامسة والثلاثين) أنه «ما دام الإعلاميون بعد 10 سنوات حرب يخشون ذكر الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وما دام تعبير "ما يُسمى" حاضراً في النشرات الإخبارية، وإعلام كل طرف يغض النظر عن وجود آخر وشريك، سواء اختلف أو اتفق معه، فسيبقى كلا الإعلامين، المؤيد والمعارض، يزرع الفتنة التي هي أشد من القتل». ويتفق عمر، وهلا، على أن هذا الخطاب كان موجوداً في سوريا قبل الحرب، لكن الحرب «شرعنته علانية».

والمأساة تطول!

سنوات طويلة مرت منذ صارت يوميات البلاد وأبنائها حافلة بالتصنيفات والتقسيمات، تراكمت عبرها قواميس من مفردات الكراهية. ما هو الحل مع خطاب الكراهية المنتشر في كل المناطق السورية باختلاف الجهات المسيطرة؟ ولماذا لم توحدنا المأساة مؤيدين ومعارضين؟ ولماذا يخاف كثيرٌ منا الآخر، ويخشى دينه وطائفته؟

هذه ليست مجرد تساؤلات إنشائية، بل هي في واقعنا اليوم أسئلة وجودية شديدة الإلحاح، قد نعثر على بذور إجابات لها في مستقبل له شكل «دولة مدنية يسود فيها القانون، وفي نهج إعلامي يضعنا وسط حوار مفتوح مستمر، من دون حضور مخابراتي» على حد تعبير ضيوف هذا التقرير.

هل يتغير خطابنا المتبادل يوماً ما بالفعل؟ هل يقبل المؤيد المعارض، والعكس، من دون تخوين أو تسفيه؟ وهل يصبح اختلاف شكل شاب بشعر طويل، و«تاتو» غريب، أو شعر قصير لفتاة أموراً عادية؟

تساؤلات كثيرة تبقى معلقة حتى إشعار، وربما «حتى إعلام» آخر!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها