× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

في المجتمع المدني السوري: 1 - المخاض العسير

عقل بارد - على الطاولة 17-04-2020

قد يقول قائل: إنّ عمليّة إيجاد تعريف للمجتمع المدنيّ السّوريّ، عمليّةٌ صعبةٌ وغير مفيدة. ربّما، لكن ليس عندما يشكّل خمسون عضواً من هذا النّادي ثلث اللّجنة الدّستوريّة.

بات البحث في حال المجتمع المدنيّ السوريّ اليوم أمراً واجباً، في ظلّ الدور الذي أنُيط بعدد من ممثّليه في مسار اللّجنة الدستوريّة، وهو المسار الذي يحظى بتوافق جميع الأطراف، رغم وعورته.

والحال، أنّ هذا البحث سيغدو - بشكل أو بآخر – جزءاً من البحث في المستقبل السوري بأكمله.

يكفي البدء بالقول إنّ قانون الجمعيات (أي القانون الناظم لعمل المجتمع المدني) المطبّق اليوم، هو القانون رقم 93 الصادر بتاريخ 13/10/1658، أي قبل أكثر من ستة عقود، كي ندرك أزمة المجتمع المدني السوري الذي انتظر كي يستيقظ من موته السريري حتى العام 2011، عام الولادة العسيرة.

قرابة ستة عقود والمجتمع المدني يدار - ولا نقول يراقب - بشكل مباشر، كما هو الحال في الجمعيّات المرخّصة، أو بشكل غير مباشر - وإن كان أكثر تأثيراً - في العقد الأوّل من هذا القرن.

هل هو مجتمع مدنيٌّ واحد؟ أم «مجتمعات مدنيّة» ورثت كلّ أزمات المجتمع السوري؟

نقول: ولادة عسيرة، فهل حقاً وُلد؟!

ألم يكن هنالك ما تمكن دعوته بالمجتمع المدني السوري قبل العام 2011؟

وهل ما تشكل بعد العام 2011 من مبادرات ومؤسّسات وجمعيّات وشبكات، هو «مجتمع مدنيّ» أولاً، و«سوريٌّ» ثانياً؟

ثم، هل هو مجتمع مدنيٌّ واحد؟ أم «مجتمعات مدنيّة» ورثت كلّ أزمات المجتمع السوري، قبل، وبعد العام 2011؟

هل تشكّلت هذه «المجتمعات المدنيّة» لتواجه انقسام المجتمع السّوري؟ أم كانت تكريساً لهذا الانقسام؟

وإذا كان هنالك فعلاً مجتمع مدنيّ سوريّ، فما هو الدور الذي لعبه، ويلعبه اليوم؟ بل ما هو الدور المناط بالمجتمع المدنيّ في أيّ مكان من العالم؟ هل هنالك أدوار له، متفّقٌ عليها شرقاً وغرباً؟

لكن؛ وقبل كلّ شيء: ما هو المجتمع المدنيّ أساساً؟ وكيف نجد تعريفاً حقيقيّاً له في سوريا؟ وهل من الأهميّة بمكان إيجاد تعريفٍ إجرائيّ له؟

لنأخذ تعريف الأمم المتّحدة للمجتمع المدنيّ مثالاً يُدلّل على صعوبة الإجابة عن مثل هذا السؤال في الواقع السوريّ.

تُعرّف الأمم المتّحدة المجتمع المدنيّ على أنّه «القطاع الثالث في المجتمع (أيّ مجتمع) بعد الحكومة، وقطاع الأعمال».

أي أنّ المجتمع المدنيّ يُعرّف بكلّ ما هو خارج الحكومة والسّوق، لكن عن أيّ حكومةٍ نتحدّث نحن؟ كيف نستطيع تمييز المجتمع المدنيّ في مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا، ومناطق الإدارة الذاتيّة شمالَ وشرق سوريا؟ ليست هناك حكومة شرعيّة بالمفهوم الأمميّ كي نُعرّف المجتمع المدنيّ بكونه خارج تلك المنظومة.

جزء هام من المجتمع المدني في حالة سوريا، لا يعترف بالحكومة، بل ويشكّل حالة عداء واضح معها

كيف نُعرّف مديريّة الصّحّة في إدلب، وهي التي تصف نفسها بالاستقلال عن الدّولة السّورية، كما عن سلطات الأمر الواقع في المحافظة، وحكومة المعارضة المعروفة باسم الحكومة السوريّة المؤقّتة؟ هل هي مؤسسة حكوميّة كما يدلّ اسمُها؟ أم مؤسسّةُ مجتمع مدنيّ وفق وصف الأمم المتّحدة؟

كيف نُعرّف المجتمع المدنيّ السّوريّ الموجود في دول الجوار، وهو يُعرّف نفسه بأنّه سوريّ، رغم أنّ مؤسساته مسجّلة في دوائر تلك الدول، بوصفها مؤسسات مجتمعٍ مدنيّ، لبنانيّة وتركيّة وأردنية وعراقيّة؟ وهل التّمايز المطلوب هنا، ينبغي أن يكون عن الحكومة التي سُجّلت في دوائرها هذه المؤسسة أو تلك؟ أم عن الحكومة السّوريّة أم عن كليهما؟

زد على ذلك، أن تعريف الأمم المتّحدة يفترض وجود المجتمع المدنيّ خارج الحكومة وأجهزة الدّولة، مع اعتراف هذا المجتمع بالدّولة وسيادتها، لكن جزءاً هاماً من المجتمع المدني في حالة سوريا، لا يعترف بالحكومة، بل ويشكّل حالة عداء واضح معها!

ثمّ بعد كلّ هذا؛ كيف نُجمِل ضمن وعاء واحد، ذلك الجزء من المُجتمع المدني الذي يعترف بالحكومة السورية، والجزء الثاني الذي يعترف بالإدارة الذّاتيّة، والثّالث الذي لا يعترف بأيّ من الحكومات (الرّسميّة في دمشق، والمؤقّتة، والإنقاذ) ولا بالإدارة الذّاتيّة، ويعاديها جميعاً؟

قد يقول قائل إن عمليّة إيجاد تعريف لهذا الكائن عمليّة صعبة وغير مفيدة!. ربما، لكن ليس عندما يُشكّل خمسون عضواً من هذا النادي ثلث اللّجنة الدستوريّة، يقررون مستقبل سوريا مع ممثلي الحكومة والمعارضة، وليس عندما ينتمي أولئك الخمسون إلى «مجتمعات مدنيّة» تختصم في ما بينها على تعريف المجتمع المدنيّ من جهة، وعلى دور، بل وتعريف الحكومة المركزيّة، من جهة أخرى! فضلاً عن أن من اختار الأعضاء الخمسين (على الأقل رسميّاً)، هو الأمم المتّحدة، صاحبة التّعريف أعلاه.

أكثر من ذلك، هنالك جزء من «الخمسين»، يأتي من مناطق سيطرة الحكومة المركزيّة، التي لا تعترف بمصطلح المجتمع المدنيّ، وتستعيض عنه بمصطلح واضح الدّلالة، هو: المجتمع الأهليّ!

عادةً ما كانت بيانات «المجتمع المدنيّ السوريّ» تُستهَلُّ بـ«نحن، ممثلي المجتمع المدني السوري»، ثمّ تتوالى الكلمات والنّصوص، مثبتة أنّ «نحن» هذه، تمثل - في أفضل الأحوال -  جزءاً مما يُكنّى بـ المجتمع المدنيّ السّوريّ، وشكلاً من أشكال تكريس انقسام هذا الكائن، وانقسام المجتمع القادم منه! 

تسعى سلسلة المقالات هذه، إلى تلمّس الأجوبة عن كلّ هذه الأسئلة، في محاولة متواضعة من كاتبتها إلى وضع محدّدات لـ «المجتمع المدنيّ السّوري»، علّها تُسهم في تيسير العسير!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها