× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

كنيسة الشهداء في الرقة: لا أحد يقرع الأجراس

حكاياتنا - خبز 22-11-2021

قبل فترة وجيزة احُتفل في الرقة بافتتاح كنيسة الشهداء، بعد ترميمها. لكن الكنيسة تبدو أشبه بحالة رمزية حتى الآن، في ظل غياب رجال الدين، وإحجام معظم العائلات (القليلة جداً) عن ارتيادها بسبب تكتم مستمر على الانتماء الديني، وسط مخاوف مستمرة من أي تحرك لخلايا مرتبطة بتنظيم «داعش» المتطرف يُظن أنها حاضرة، أو قادرة على الوصول إلى المدينة

الصورة: (دوار الساعة في الرقة - صوت سوري/قصي)

لم تنسَ ياسمين، وهو اسم مستعار لشابة مسيحية من بنات الرقة كيف هربت وعائلتها من المدينة وهي ترتدي «اللباس الشرعي» الذي فرضه تنظيم «داعش» المتطرف على النساء في مناطق سيطرته. لا تزال الشابة أسيرة القلق والخوف خاصة مع تجدد الحديث بين فترة وأخرى عن «خلايا داعشية نائمة»، ولذلك تفضل استخدام اسم مستعار.

توضح ياسمين أن عائلتها ظلت متمسكة لفترة طويلة بالبقاء في الرقة. تقول: «رغم رغبة معظم أفراد الأسرة في مغادرة المدينة، فإن أبي كان يصر على البقاء، ويقول إنه لا يستطيع العيش خارجها».

في نهاية المطاف لم تجد الأسرة بدّاً من المغادرة. 

وفرض تنظيم «داعش» المتطرف سيطرته على مدينة الرقة بين العامين 2013 و2017، قبل أن ينسحب منها أمام قوات سوريا الديمقراطية مدعومةً بقوات التحالف الدولي. 

«كنت صغيرة حين خرجنا، إلا أنني لا أنسى لحظةَ تخلصنا من القيود التي فرضها تنظيم داعش. طوال تحكمه بحياتنا لم نكن نجرؤ حتى على أداء صلواتنا».

لا تخفي الشابة سعادتها بافتتاح كنيسة الشهداء وسط مدينة الرقة قبل فترة، وتحوّل الحدث إلى مناسبة لتوجيه دعوات متكررة إلى العائلات المسيحية النازحة للعودة إلى مدينتها.

ولطالما عُرفت الرقة بتنوع مكوناتها الدينية والعرقية، من دون وجود أحياء تقتصر سكناها على مكوّن دون آخر.

«السنوات السود»

لم يستطع ضرغام (65عاماً) وهو اسم مستعار لطبيب يعمل في الرقة حبس دمعته عند الحديث عن حاله وحال أقرانه «كانت أياماً سوداء حين دخلوا، لم نكن نعلم أين نذهب، لقد بعثرونا وهجرونا» يقول.

ترك الطبيب المدينة بسبب مضايقات التنظيم وذهب لدمشق، ليبقى فيها نحو أربع سنوات، وما إن طُرد «داعش» منها حتى سارع إلى العودة، فوجد بيته ركاماً. 

يقول ضرغام «هذه الحرب لم تفرق بين مسلم ومسيحي، أو بين بشر وحجر».

يقدر عدد العائلات المسيحية التي كانت تسكن مدينة الرقة بأكثر من 400، هجر معظمها المدينة نتيجة ممارسات التنظيم. ويصعب الجزم بدقة بعدد العائلات الموجودة في المدينة حالياً، بينما تشير تقديرات محلية إلى وجود أفراد من 13 أو 14 عائلة، معظمهم من كبار السن

وعقب سيطرة التنظيم المتطرف على الرقة خيّر العائلات المسيحية بين دفع «الجزية»، أو اعتناق الإسلام، أو مغادرة المدينة. «تدرجت الجزية بالتناسب مع إحكام التنظيم قبضته على المدينة، كانت في البداية 25 ألف ليرة (كانت تعادل نحو 100 دولار)، لتصل في الفترة الأخيرة من سيطرته إلى 300 دولار عن العائلة الواحدة» بحسب ضرغام. 

يؤكد ضرغام الذي ينحدر من أصول أرمنية أن علاقات جيدة كانت تربطه بجميع جيرانه من دون أي عداء أو نعرة، ويتحدث عن مشاركة الجيران والأصدقاء كل التفاصيل بما في ذلك الاحتفالات بمناسبات دينية. 

هذا الكلام يؤيده محمد الخالد، وهو أحد سكان مدينة الرقة، الذي يقول إن بعض أصدقائه المسيحيين كانوا يصومون شهر رمضان معه، وأطفاله كانوا يذهبون إلى الكنيسة في الأعياد.

فيما يقول علي السلمان، وهو إمام لأحد المساجد في مدينة الرقة إن «العلاقات المشتركة بين المسيحيين والمسلمين هي علاقة متجذرة في التاريخ». 

ويضيف: «هناك علاقات أسرية ربطت بين الجميع، وحصلت مصاهرات بين الطرفين». يستذكر الشيخ علي أيضاً، أن «أهالي الرقة استقبلوا الأرمن إبان المذابح العثمانية، والكثير منهم أتوا للمدينة أطفالاً وحيدين، وربتهم عائلات من المدينة وسُجلوا على اسم تلك العائلات». 

«الإسلام دين تسامح وتعايش وسلام ولم يحث على الفتن، لكن ما فعله تنظيم الدولة هو تحريف في القرآن وإصدار فتاوى على قياس مصالحه» يقول، ويؤكد أن «الفتوى التي اعتمد عليها التنظيم لإلزام الأخوة المسيحيين بدفع الجزية صدرت منذ مئات السنين» وكانت لها ظروفها التاريخية، ولم يكن الغرض منها الاضطهاد. 

تقول فاطمة محمد إن جدتها لأبيها أرمنية، و«ما زالت تحيي الأعياد الدينية (مثل عيد القيامة)، والأعياد القومية (مثل القديس فارتان)، والعيد الأهم الذي تحييه هو عيد الشهداء الأرمن في الرابع والعشرين من شهر نيسان». 

وتضيف: «برغم زواجها من شخص مسلم فإنه لم يفرض عليها اعتناق الإسلام». 

الخوف لم يزل

يتوزع مسيحيو الرقة على ثلاث طوائف، أكبرها طائفة الروم الكاثوليك، وكانت لها كنيسة سيدة البشارة في حي الثكنة، وقد دُمرت بالكامل وأصبحت مجرد حفرة، وطائفة الأرمن الأرثوذكس ولها دار عبادة داخل مدرسة الحرية في حي القوتلي، وطائفة الأرمن الكاثوليك، ولها كنيسة الشهداء وسط الرقة، وقد حوّلها «داعش» إلى مركز لما عُرف باسم «الشرطة الإسلامية لقطاع مدينة الرقة»، بعد تخريبها وطلاء جدرانها في العام 2013. لاحقاً دُمرت الكنيسة في معارك الرقة (2017).

كنيسة الشهداء بعد افتتاحها - صوت سوري

كنيسة الشهداء بعد افتتاحها - صوت سوري

باخوس قومجيان مقاتل سرياني انتسب إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكلت بدعم من التحالف الدولي (10 تشرين الأول / أكتوبر 2015). 

يقول باخوس إنه تطوع «لتخليص الرقة من سرطان عزف على الحرب الطائفية، وإحداث شرخ بين المكونات في مدينة كانت تشهد أفضل أنواع العيش المشترك». 

ودعا باخوس الجميع إلى «العودة، وإعادة الروح إلى الكنيسة، وإقامة الصلوات والتراتيل وإحياء الأعياد، لا سيما أن الرقة تشهد حالة أمنية جيدة واستطاعت النهوض من الركام». 

وحتى الآن يبدو ترميم كنيسة الشهداء أشبه بحالة رمزية، في ظل غياب تمثيل رسمي للطوائف المسيحية، أو حتى وجود رجال دين لقرع الأجراس وإقامة الصلوات. 

ويقدر عدد العائلات المسيحية التي كانت تسكن مدينة الرقة بأكثر من 400 عائلة، هجر معظمها المدينة نتيجة ممارسات التنظيم. ويصعب الجزم بدقة بعدد العائلات الموجودة في المدينة حالياً، بينما تشير تقديرات شعبية إلى وجود 13 أو 14 عائلة، أو بالأحرى أفراد من هذه العائلات، وفي الغالب من كبار السن. ولم تشهد الكنيسة إقبالاً حتى من العائلات الموجودة، فبعضها يتحاشى الإفصاح عن دينه بسبب خوف مستمر من وجود خلايا لتنظيم «داعش».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها