× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

(شِبه) مدارس مكتظّة في مخيمات الشمال: الأطفال في عهدة كورونا

حكاياتنا - خبز 10-01-2022

يعاني القطاع التعليمي في شمال غرب سوريا بشكلٍ عام من ضعف الإمكانيت، وتواضع الدعم المادي واللوجستي لا سيما في المخيمات، خاصةً بعد قطع قسم الاتحاد الأوروبي في منظمة «كيومنكس» الدعم عن القطاع أواخر العام 2019. وينعكس كل ذلك انخفاضاً مستمراً في جودة التعليم بمختلف مراحله، واكتظاظاً للصفوف والمدارس كفيلاً بانعدام أي إجراءات صحية وقائية

الصورة: (مديرية التربية والتعليم في إدلب - فايسبوك)

صباح كل يوم تخرج الطفلة راما اليوسف (14 عاماً)، من خيمتها التي أُنشئت على عجل في أحد المخيمات العشوائية على الحدود السورية التركية شمال محافظة إدلب، إلى خيمة المدرسة التي تبعد أكثر من 800 متراً، لتجلس مع ثلاث من زميلاتها في مقعد واحد، بسبب ضيق المساحة، ونقص المقاعد.

ويقطن المناطق الحدودية أكثر من نصف مليون نازح من مختلف المناطق السورية في نحو 1300 مخيم، 175 مخيماً فقط يحوي مدارس، فيما يخلو 1127 مخيماً منها، وفقاً لإحصاءات «وحدة تنسيق الدعم» العاملة في مناطق سيطرة المعارضة شمال غرب البلاد.

يقول سمير اليوسف (42 عاماً) وهو والد الطفلة راما لـ«صوت سوري» إن أسرته «هُجرت قبل نحو ثلاث سنوات من مدينة الرستن شمالي حمص، واستقرت في مدينة معرة النعمان جنوبي إدلب، وبعد الحملة العسكرية التي شهدتها المنطقة مطلع العام 2020 اضطرت للنزوح مجدداً، لينتهي بها المطاف في أحد مخيمات النازحين قرب بلدة أطمة».

تمكن اليوسف وقتها من إيجاد خيمة صغيرة على أطراف أحد المخيمات بسعر قارب 200 دولار في ذلك الوقت. يقول: «كنت مضطراً لشرائها بهذا السعر، لم يكن لدي أي خيار آخر كيلا تبقى أسرتي في العراء. واجهنا الكثير من الصعوبات منذ سكنّا المخيم وأبرزها مشكلة التعليم. لدي أربعة أطفال، ثلاثة منهم في المدرسة، إن صحت تسميتها مدرسة».

ويضيف: «الأطفال مكدس بعضهم فوق بعض، الخيام التي حولت إلى صفوف مكتظة، والمقاعد قليلة، ويضطر بعض الأطفال إلى الجلوس أرضاً، هذا يؤثر على جودة التعليم بالتأكيد. كان أطفالي قبل سنوات من المتفوقين، أما اليوم فمستواهم عادي، شأنهم شأن معظم زملائهم». 

وتشكو الطفلة راما الازدحام في الخيمة التي حولت غرفة صفية، قائلة إن «الحركة صعبة جداً في الخيمة. لا مساحة كافية بين المقاعد، ولا يمكن استيعاب كل ما يقوله المعلم، أواجه صعوبة كبيرة عند الكتابة على المقعد بسبب وجود ثلاث من زميلاتي معي في مقعد يفترض أن تجلس فيه اثنتان فقط».

يقول زهير: «شهادة التاسع تتطلب أن يدرس واحدنا بشكل جيد فهي ستحدد مصيره، لكن الأمر بالغ الصعوبة في المخيمات، فحتى الوصول إلى المدرسة أمر صعب جداً في الشتاء، معظم الطرق طينية ولا يمكن السير في بعضها أحياناً»

وتبدو تسمية «مدارس» أشبه بتسمية رمزية في المخيمات، فنسبة 30 بالمئة منها عبارة عن خيمة أو مجموعة خيام، و19 بالمئة منها على شكل كرفانات، و14 بالمئة غرف إسمنتية، و8 بالمئة صيوانات، و6 بالمئة غرف إسمنتية مسقوفة بألواح التوتياء، و1 بالمئة مدارس طينية، فضلاً عن بعض المدارس الطابقية، فيما تحظى نسبة 10 بالمئة بشكل البناء المدرسي، بحسب تقرير وحدة تنسيق الدعم، الصادر في نيسان 2021. 

«النجاح مهمة شاقة»

لا تختلف معاناة الطالب زهير الحوراني (16 عاماً) كثيراً عن راما، وقد تزيد، إذ يضطر أن يمشي صباح كل يوم مسافة تزيد عن 2 كيلومتر للوصول إلى مدرسته الواقعة في تجمع مخيمات الجزيرة. 

وبرغم وجود مدارس قريبة من المخيم الذين يقطنه، فإن معظمها لا يضم صفوفاً لشهادة التعليم الأساسي (تاسع)، وإن وجدت فهي مكتظة ولا متسع فيها للمزيد. 

يقول زهير، وهو من نازحي ريف حماة الشمالي، لـ «صوت سوري» إن «شهادة التاسع تتطلب أن يدرس واحدنا بشكل جيد، فهي ستحدد مصيره، لكن الأمر بالغ الصعوبة في المخيمات». 

ويضيف: «الوصول إلى المدرسة أمر صعب جداً في الشتاء، معظم الطرق طينية ولا يمكن السير في بعضها أحياناً، وإن وصلت فيجب عليك أن تجلس بين 42 طالباً في غرفة واحدة، ثلثهم يجلس على الأرض، والباقون يجلسون كل أربعة في مقعد واحد».

يؤكد الحوراني أن مستواه التعليمي تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة، بسبب عدم استيعاب شرح المعلم، وعدم قدرته على دفع أقساط الدروس الخاصة، إذ يحتاج الطالب شهرياً نحو 150 دولاراً إن أراد أن يأخذ دروساً خاصة، وهو ما يعجز عنه معظم الطلبة في المخيمات. 

«لا إمكانات ولا دعم»

يؤكد عمر الطويل، وهو مدير مدرسة «الهيثم» للتعليم الأساسي في تجمع مخيمات الجزيرة أن «غياب الدعم هو الحاجز الوحيد الذي يقف عائقاً أمام توسيع مدارس المخيمات».

تقول راما: «الحركة صعبة في الخيمة. لا مساحة كافية بين المقاعد، ولا يمكن استيعاب كل ما يقوله المعلم، أواجه صعوبة كبيرة عند الكتابة بسبب جلوسي مع ثلاث من زميلاتي في مقعد يفترض أن تجلس فيه اثنتان»

يقول الطويل لـ «صوت سوري» إن «سبب اكتظاظ المدارس مرتبط بالعدد الهائل لسكان المخيمات، في مقابل عدد منشآت تعليمية قليل جداً. يتوجب افتتاح أكثر من 30 مدرسة سنوياً في منطقة المخيمات لاستيعاب الطلاب، فالاكتظاظ يزداد عاماً بعد آخر، وإن بقيت الأوضاع على حالها ستكون هناك كارثة للأسف». 

ويضيف: «الكثير من الكوادر التعليمية في المخيمات تعمل بشكلٍ تطوعي بسبب توقف الدعم، وعجز مديرية التربية والتعليم في إدلب عن تأمين رواتب لجميع موظفيها. تعتمد بعض المدارس على الدعم الخاص الذي تقدمه بعض المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية، ورغم ذلك تعاني أيضاً من قلة الغرف الصفية، والمقاعد المدرسية».

فيما تؤكد رغد مظلوم وهي مرشدة نفسية، أن «للاكتظاظ منعكسات خطيرة جداً على المعلم والطالب معاً وتترتب عليه آثار صحية ونفسية».

وتوضح قائلة لـ«صوت سوري» إنه «ينافي إجراءات التباعد الوقائية، ويساعد على انتقال العدوى، أما نفسياً فتنعدم الراحة، ويصعب استيعاب الدروس بسبب الضجيج والصخب. يعاني الطلبة من التشتت وانعدام تركيز، وتُستنزف طاقة المعلم/ـة بشكل مضاعف، فلا تتحقق الأهداف التعليمية المتوقعة». 

وحاول «صوت سوري» كثيراً التواصل مع مدير التربية والتعليم في إدلب، ومدير المكتب الإعلامي في مديرية التربية للحديث عن واقع العملية التعليمية في مخيمات الشمال السوري، من دون أي تجاوب. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها