× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

نبش القمامة «مهنة عائلية» في دير الزور!

حكاياتنا - خبز 11-05-2022

عائلات بأكملها من نساء وأطفال تعمل يومياً في مكبات النفاية في دير الزور، في عملية تبدأ بالانتظار المبكر لحاويات النقل، مروراً بالفرز «الدقيق»، وصولاً إلى البيع بالكيلو، لينتهي اليوم بمبلغ زهيد لا يغطي سوى الخبز وبعض الخضار

الصورة: (بوابة الجزيرة السورية - فايسبوك)

مع شروق الشمس، تشد مهدية رفقة طفلتيها الرحال إلى مكب النفايات لتجميع مخلفات البلاستيك من أجل بيعها لاحقاً، من دون اكتراث بالمخاطر التي قد تصيبهنّ جراء هذا العمل. 

تقطع المرأة وطفلتاها، وهن من سكان ريف دير الزور الغربي، مسافة تقارب عشرة كيلومترات يوميّاً سيراً على الأقدام، وأحياناً يشرن إلى بعض السيارات التي قد يتطوع سائقوها لنقلهنّ إلى أقرب نقطة من مكب النفايات.

تقول مهدية (38 عاماً) إنها مجبرة على العيش مع مخلفات القمامة التي تتسبب في تجاعيد يديها، والاحمرار الدائم لبشرتها، لأن تأمين لقمة عيش الطفلتين هو الأهم من وجهة نظرها. وتضيف المرأة أنها تتحمل هذا المشهد المقزز، والروائح المنبعثة بسبب الحاجة بعدما سُدّت المنافذ كافة أمام عمل مناسب.

وباتت عمليات نبش القمامة ظاهرة منتشرة في دير الزور وفي المدن السورية عموماً، والتركيز ينصب على البلاستيك والنحاس. 

تتحمل مهدية المشهد المقزز والروائح الكريهة في سبيل لقمة بالحلال - الرسم: صوت سوري

في مثل حالة مهدية، يتراوح مردود العائلة اليومي ما بين ثلاثة وستة آلاف ليرة سورية، وهذا المبلغ لا يكفي سوى لشراء بعض الخبز والقليل من الخضار. ويبلغ ثمن النحاس الذي يجمعه هؤلاء عشرة آلاف ليرة لكل كيلو غرام. أما ثمن الكيلو غرام من البلاستيك، فلا يتعدى أربعين ليرة، في حين أن سعر كيلو غرام من الحديد يصل إلى أربعمئة ليرة.

تسترسل مهدية في حديثها، وتقول «العمل شاق، وخطير، لكن ما باليد حيلة، علينا أن نكسب لقمة عيش بالحلال بدلاً من مد أيدينا وانتظار العون».

وعلى الطرف المقابل من المكب يتجمع العشرات، من أطفال ونساء في انتظار سيارات نقل القمامة التي تأتي لتفريغ حمولاتها، وكلّما وصلت واحدة اندفعوا نحوها لاصطياد ما يمكن اصطياده. 

قد لا يبدو مستغرباً لجوء الناس إلى مثل هذه الأعمال في ظل التردي الاقتصادي المستمر الذي تعيشه البلاد، مع تزايد أعداد السوريين والسوريات تحت خط الفقر إلى ما نسبته أكثر من 90 بالمئة، بحسب مصادر أممية، فيما يقدر خبراء اقتصاديون أن معدل التضخم تجاوز ألفين بالمئة مع استمرار فقدان الليرة قيمتها. 

تقول نجاح إبراهيم إن حصيلة عملية النبش في القمامة لا تقتصر على جمع الخردة وبيعها، بل قد تشمل أحياناً التقاط بعض الطعام الذي يصلح للأكل ويكون في حالة شبه جيدة. وتعيل نجاح (32 عاماً)، وهي من سكان ريف دير الزور الشرقي، أطفالها الثلاثة بعد مقتل زوجها في مدينة هجين جراء انفجار لغم أرضي كان مزروعاً بالقرب من منزله.

تروي هذه المرأة تفاصيل نبش القمامة، فبعد وصول السيارة وإفراغ حمولتها، تُفرز المخلفات البلاستيكية الملوثة عن القطع المعدنية الصدئة ومخلفات الحفاظات المستعملة، بالإضافة إلى الخبز والأطعمة، إذ تعمل كل عائلة على فرز ما هو صالح للبيع والاستعمال.

لا تقتصر عملية نبش القمامة على جمع الخردة وبيعها بل تصل إلى التقاط بقايا الأغذية - الرسم: صوت سوري

في هذا السياق، يرى «فريق الاستجابة الأولية» الحقوقي العامل في ريف دير الزور أن ظاهرة نبش القمامة «إحدى النتائج المتوقعة لتدهور الأوضاع الاقتصادية وما تخلفه الحرب وما يرافقها من فقر وتهجير وتداعيات، وأسباب أخرى عديدة». 

وتنتشر في مناطق المكبات أوبئة وأمراض كثيرة مثل اللايشمانيا (حبة حلب) فضلاً عن أنها قد تكون سبباً في التهابات الكبد وأمراض أخرى يصعب علاجها، علاوة على مخاطر وجود مخلفات حربية وذخائر غير منفجرة في المكبّات.

يقول خالد، وهو ناشط مدني وحقوقي في ريف دير الزور، إن «اجتماعات كثيرة عُقدت لمكافحة هذه الظاهرة وحماية الأطفال بشكل خاص، لكنها لم تأت بأي نتيجة لأن الجهات الإنسانية والإغاثية لم تهتم كما ينبغي بهذا الأمر». 

أما سلمان (اسم مستعار) الذي يعمل في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، فيرى أن ما يلزم للقضاء على هذه الظاهرة هو «توفير فرص عمل مستدامة لهذه العائلات». 

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة تتطلب خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا، والخطة الإقليمية للاجئين وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات مبلغ 10.5 مليار دولار للعام 2022.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها