× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«الخيانة» تكتسح المشهد.. أسهم الطلاق صاعدة في سوريا

حكاياتنا - خبز 18-05-2023

عرف المجتمع السوري في العقد الأخير تحولات بنيوية هائلة أصابت المؤسسة الأسرية بشكل خاص، بفعل الحرب، والتردي الاقتصادي، علاوة على الانفتاح الرقمي الذي شرّع أبواباً جديدة أمام علاقات افتراضية ينخرط فيها أزواج وزوجات، ما أضاف إلى عوامل ارتفاع الطلاق عاملاً جوهريّاً

الصورة: (صفحة وزارة العدل السورية على فايسبوك)

بعد صبر استمرّ أكثر من ثلاث سنوات، قررت وداد أخيراً الانفصال عن زوجها الذي ضبطته مرات عديدة يخونها عبر الإنترنت. تقول السيدة البالغة من العمر 30 عاماً «من الصعب أن تعيش مع إنسان قلبه وعقله معلقان في مكان آخر»، وتضيف «لا يتعلق الأمر بامرأة يخونني معها، أعلم تماماً أنه لم يلمس في حياته أحداً غيري، ولكن مشاعره أصبحت معلقة بشاشة هاتفه حيث يراسل النساء».

في مجتمع أعادت الحرب تشكيل مفاهيم كثيرة فيه، وتلاعبت بتركيبته البنيوية، قد يبدو الحديث عن الخيانة الزوجية ترفاً، ولكن محاولة التدقيق في القضية قد تكشف صورة أكبر. صورة تضع الخيانة في صدارة أسباب الانفصال، خاصة بعد أن وصلت نسب الطلاق منذ سنوات إلى مستوى قياسي بمعدل حالة طلاق مقابل كل ثلاث حالات زواج، وفق إحصاءات غير رسمية.

خلال سنوات الحرب، تنقلت وداد وعائلتها (هي أم لطفلين) بين مدن ومحافظات عدة في سوريا، خسرت خلالها الاستقرار والشعور بالأمان، لتأتي الخيانة وتضيف بدورها جرحاً جديداً، وفق تعبيرها. تتابع السيدة، التي تنتظر قرار القاضي الشرعي النهائي بالطلاق بعد أن فرض مهلة قبل اتخاذه القرار النهائي أملاً بنجاح جهود الإصلاح بين الزوجين «الدمار الذي تسببت الحرب به أمر كنت أستطيع تحمله، أما الخيانة فلم أعد قادرة على تحملها»، وتضيف «عاش طفلاي أيضاً خلال السنوات الماضية ظروفاً صعبة بسبب المشكلات المستمرة، هذا دافع إضافي للانفصال، لعلّهما يعيشان في ظروف أكثر هدوءاً».

فضلاً عن الدمار الكبير في البنى التحتية، والقطاعات الإنتاجية، وعن ارتفاع معدلات البطالة، تسببت الحرب بحركات نزوح وتهجير عديدة أدت إلى تفتت المجتمعات المحلية، الأمر الذي أزال بدوره الكثير من «الضوابط الاجتماعية»، ما خلق بالتوازي مع وجود فضاءات واسعة يسهل النفاذ إليها دائماً (الإنترنت)، ظروفاً ملائمة لانتشار الخيانة.

وصلت نسب الطلاق في سوريا منذ سنوات إلى مستويات عالية، بمعدل حالة طلاق مقابل كلّ ثلاث حالات زواج

يعيد القضاء الشرعي في سوريا (المسؤول عن تسجيل حالات الزواج والطلاق)، ارتفاع معدلات الطلاق إلى ثلاثة عوامل: اجتماعي، واقتصادي، وثقافي، أضيف إليها لاحقاً عامل رابع هو الخيانة، التي تحولت في ما يبدو إلى ظاهرة في المجتمع السوري الممزق.

وبينما تنتظر وداد انتهاء إجراءات المحكمة للحصول على الطلاق، تعجز نجوى عن الإقدام على خطوة مماثلة. تشرح السيدة «لا يتعلق الأمر فقط بالوصمة التي تلاحق المطلقة، وإنما بظروف الحياة الصعبة التي لا أستطيع تحملها في حال انفصالي عن زوجي»، وتتابع متسائلة: «كيف سأعيل أطفالي الأربعة؟ أين سأعيش؟ كيف سأعيش؟»، وتضيف «أعيش مع زوجي حالة انفصال غير معلن، يستمر هو بخيانتي في العالمين الواقعي والافتراضي، وأغض النظر عن الأمر لأجل أطفالي».

بدوره، يعيش وائل عامه الثاني بعد انفصاله عن زوجته نتيجة خلافات تتعلق بشكوكه بخيانتها له، يقول الرجل الذي عاش نحو عام ونصف مع زوجته ولم ينجبا أي طفل قبل أن ينفصلا: «لم يكن من الممكن الاستمرار في العلاقة بعد أن تحطمت الثقة. أعتقد أن انفصالنا كان سهلاً بسبب عدم وجود أطفال»، ويضيف مستدركاً: «حتى لو أننا رُزقنا بأطفال كان الانفصال هو النتيجة الحتمية».

تشير مصادر قضائية سورية إلى أن نسبة الدعاوى المتعلقة بالخيانة التي يرفعها الذكور تفوق بأشواط الدعاوى المماثلة التي ترفعها النساء، وتعزو ذلك إلى احتمال عدم معرفة المرأة بأن القانون يتيح لها رفع دعوى قضائية ضد الزوج الخائن، فيما تبرز أسباب اجتماعية أخرى تتعلق بنظرة المجتمع إلى المطلقات بالعموم، وإلى إحساس نساء كثيرات بعدم قدرتهن على رعاية أنفسهن أسرهن في حال الطلاق.

يفرض القانون السوري عقوبات قد تصل في بعض الأحيان إلى السجن في حال ثبوت الخيانة الزوجية، غير أن إثبات وقوع الخيانة يعتبر في كثير من الأحيان صعباً. وترى مصادر حقوقية أن القانون السوري يشكل تمييزاً ضد النساء في هذا الإطار.

وفي ظل غياب إحصاءات دقيقة أو دراسات حول الآثار التي تسببت بها الحرب على تركيبة الأسرة السورية، وتغير مفاهيم القيم المجتمعية، لا يمكن بشكل دقيق تحديد مدى الضرر الذي لحق بالتركيبة الأسريّة، رغم وجود مؤشرات عديدة على أنه عميق، ويظل مؤكداً أن الخيانة الزوجية، سواء بشكلها التقليدي في العالم الواقعي، أو بشكلها الافتراضي زادت من الثقوب في جدران منازلنا المهلهلة، وأضافت عاملاً قويّاً إلى عوامل تفكك الأسرة السورية، التي يعيش أفرادها منذ سنوات طويلة أقسى ظروف الحياة البشرية.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها