× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«مدارس دار الوحي» في إدلب: الذراع الأيديولوجية للجولاني

حكاياتنا - خبز 25-06-2023

بينما تعاني المدارس العامّة في إدلب من أوضاع مزرية، تبرز مدارس «دار الوحي» التابعة لـ«هيئة تحرير الشام» بوصفها بديلاً مُتاحاً لتعليم الأطفال. تُستخدم هذه المدارس وسيلةً لأدلجة الطلاب بشكل ناعم، وهي تجذب الأهالي إليها لأنها مجانية وتؤمّن النقليات

لم تحبذ سوسن تدريس طفلتها ذات السنوات السبع في المدارس العامة بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا لأن «مستوى التعليم ضعيف». وبما أن إمكاناتها لا تسمح بتسجيل الطفلة في المدارس الخاصة، قررت الاعتماد على «دار الوحي»، وهي سلسلة مدارس مجانية ممولة من «هيئة تحرير الشام»، وتُعنى بتدريس الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي مع التركيز أكثر على الدروس الدينية القريبة أحياناً من التشدد. 

تقول سوسن عن التجربة القصيرة التي استمرت عاماً واحداً فقط إنها كانت خطرة بسبب الأدلجة المتشددة للتلاميذ. بعد نجاح طفلتها إلى الصف الثاني قررت الأم نقلها إلى مدرسة خاصة رغم الصعوبات المالية، لأن «دار الوحي تحاول فرض غطاء للرأس على التلميذات حتى لو كنّ في الصف الأول». 

في البداية، كانت المدارس التي تستحوذ عليها «دار الوحي» أبنية تعليمية عامة، قبل أن يسيطر عليها تدريجاً في العام 2017 «جهادي» فلسطيني الجنسية يُعرف باسم الزُّبير الغزي، كان وقتها أحد أبرز «شرعيّي الهيئة»، ونظّم شبكة موسعة من الكوادر التعليمية مع وضع مناهج تعليمية تعكس توجهات الهيئة. 

سرعان ما توسعت هذه المدارس مع ضخ الهيئة الأموال وتحفيز المعلمين الباحثين عن عمل برواتب دائمة على نقيض الوضع المزري الذي يعاني منه التعليم العام.

وبرغم سعي «الهيئة» إلى تغيير صورتها من التشدد، إلى الاعتدال، وإقصاء العديد من القياديين والشرعيين عن صفوفها، والإيحاء بالحد من توسع مشروع «دار الوحي»، فإن المعطيات تؤكد عكس ذلك، مع الاستمرار في سياسة «التشجيع الناعم» للأهالي على إلحاق أطفالهم بمدارسها التي تجاوز عددها الأربعين، بأعداد طلبة تتجاوز 14 ألفاً، تُؤمّن لهم مواصلات مجانيّة، وتعتمد الفصل بين الجنسين سواء بين التلاميذ أو الكادر التعليمي.

أيدولوجيا ناعمة

في إدلب؛ وعند السابعة صباحاً تزدحم الطرقات بالحافلات المدرسية التي تنقل طلاب المدارس الخاصة المنتشرة بشكل كبير، وبين الحافلات تمكن ملاحظة باصات نقل كبيرة كتب على طرفيها «مدارس دار الوحي الشريف». يعكس العدد الكبير لهذه الحافلات حجم الإقبال على التسجيل ضمن صفوف هذه المدارس الإشكالية.

مشروع الدار إحدى الدعائم الناعمة للهيئة لأنه يهدف إلى تربية جيل متشبع بالأفكار السلفيّة

يقول أحد العاملين في الكادر التدريسي للدار إن المشروع يشكل «إحدى الدعائم الناعمة للهيئة» لأنه يهدف إلى تربية جيل متشبع بالأفكار الدينية وفقاً لمنظور المدرسة السلفية التي تنتمي إليها قيادات «تحرير الشام». 

ويضيف أن الرواتب التي تمنحها الدار للكوادر مغرية مقارنة بالأجور التعليمية في المدارس العامة، فهي تبدأ من 125 دولاراً أميركياً تصرف على رأس كل شهر، فيما تتأخر رواتب معلمي القطاع العام أشهراً عدة، وهذا ما يزيد الإقبال على الدخول في السلك التدريسي للدار حتى لو كان المعلم لا ينتمي إلى الهيئة أو أفكارها. 

تتنوع المناهج التي تُدرّس بين العلوم الكونية، والقرآن، والعلوم الشرعية، وتغيب عنها دروس الموسيقا والرسم. وللدار لجنة مختصة بوضع المناهج غير تابعة لمديرية التربية رغم كونها مرخصة منها، وهذا ما يزيد خطورة المشروع كونه خارج نطاق التعليم العام، لكنه أيضاً ليس تعليماً خاصاً لأن المشرفين عليه هم قيادات الهيئة التي تدير المنطقة، بل شارك رئيس حكومة «الإنقاذ» المحسوبة على «الهيئة» والمدعومة تركياً في افتتاح فرع لـ«دار الوحي» في تفتناز. 

تروّج معرّفات «دار الوحي» وبعض المعلمات لحجاب الصغيرات على فايسبوك، بنشر صور تلميذات لا يتجاوزن السابعة أو الثامنة وهنّ يغطين رؤوسهن، أو يلبسن العباءة والحجاب، وأحياناً النقاب الذي يغطي الوجه أيضاً.

خدمات محفزة

بينما يعترض كثير من السكان على «دار الوحي» لأنها «تروج لأيدولوجيا متشددة نوعاً ما»، يرى آخرون أن المشروع «أفضل الموجود، فالمدارس العامة في وضع تعيس جداً والتعليم في دار الوحي يبقى أفضل».

يرى أحمد، أحد المقيمين في إدلب، أن المشروع أُسِّس في الأصل لاستيعاب أطفال العناصر المنتسبين إلى الهيئة والموظفين العاملين معها، معتبراً أن معظم العناصر التابعين لها يفضلون التوجه نحو المدارس الدينية «لأنها تعتني بتحفيظ القرآن وتجويده وتدريس الفقه والحديث والعقيدة». 

يقول أبو سليم، وهو أحد المقاتلين التابعين للهيئة، إن معظم المقاتلين الذين يعرفهم حرصوا على تسجيل أطفالهم في «مدارس دار الوحي» لأنها «تتمتع بمستوى تعليمي جيد، ولأنها مجانية وتقدم خدمات التوصيل». ويضيف أنه لا يرى أي تشدد في المناهج الخاصة بالدار، باستثناء حجاب التلميذات الصغيرات، «لكن هناك آباء يفضلون ذلك لأن البنات سيعتدن اللباس الشرعي». 

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0