× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الأسنان ليست للجميع في سوريا!

حكاياتنا - خبز 12-11-2023

انعكس التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد سلباً على المواطنين الذين يصارعون التكاليف الأساسية للمعيشة، لتغدو معالجة أسنانهم ترفاً ورفاهية وسط إفلاس جيوبهم وغياب المعالجات المجانية

تُثقل تكاليف علاجات الأسنان في سوريا كاهل المرضى من ذوي الدخل المحدود وحتى الطبقة الوسطى، أو ما تبقى منها، ما يدفع كثراً إلى تسكين الآلام والأوجاع بتناول المسكنات والمضادات الحيوية. يلجأ البعض عند تفاقم الحالة والعجز عن تحمّل الألم، إلى الكليات التعليمية المختصة للتمتع بعلاج شبه مجانيّ في مخابر الكلية، بعدما أصبحت زيارة طبيب الأسنان أشبه بالكابوس، فألم التكلفة يضاهي ألم الوجع أو يفوقه.

أما المسؤولون الذين لا ينفكون عن التذكير بأن سوريا «من أرخص الدول من ناحية نظام الرعاية الصحية، بخاصة علاج الأسنان»، فيتناسون أن متوسط دخل الفرد في بلادنا هو الأقل، وأن ارتفاع معدل التضخم أنهك قلوب السوريين بعد جيوبهم.

حلول رخيصة... مُرهقة!

يبدو أيمن كمن تجاوز الخمسين مع أن عمره 37 عاماً، فمن سوء حظه أنه لم يحظَ بالاعتناء بأسنانه لخسارته منزله ونزوحه مع عائلته بين محافظات عدة، ليستقر أخيراً في شبه منزل في إحدى عشوائيات دمشق. كانت أسنانه خارج أولوياته لحاجته إلى ثمن ربطة الخبز، ما أدى إلى تدهور حالة غالبيتها واقتلاع معظم الأمامية.

يؤكد أيمن بعد زيارته أطباء أسنان في مناطق شعبية أن إصلاح أسنانه بات أمراً شبه مستحيل بسبب التكاليف الباهظة للزراعة، موضحاً أن الثمن يراوح ما بين 3 - 6 ملايين ليرة للزرعة الواحدة.

«حتى الحصول على قرض مصرفي لم يعد يفي بالغرض، فقد بات العلاج يحتاج إلى بيع كلية على الأقل»

يقول: «حتى الحصول على قرض مصرفي لم يعد يفي بالغرض، فقد بات العلاج يحتاج إلى بيع كلية على الأقل». ويضيف بحسرة بعدما اقترح عليه أحد الأطباء اللجوء إلى أقل الحلول مرارةً وهو طقم الأسنان المتحرك: «هل رأيت يوماً شاباً بعمر 37 يلبس بدلة أسنان متحركة كالتي يستخدمها أجدادنا؟».

أما سامر الذي يعمل في غسيل السيارات ويبلغ 22 عاماً، فلا يستطيع النوم في كثير من الأيام من شدة الألم، وبات يلجأ منذ شهور إلى أعواد القرنفل وبعض المسكنات، معتبراً أنها أسرع الحلول المؤقتة للتخفيف من الأوجاع، فقد بلغت أجرة سحب عصب السن الواحد وتركيب حشوة 250-400 ألف ليرة، بحسب الحالة والطبيب.

أطفال بلا علاج

تروي جمانة الأم لطفلتين معاناتها مع معالجة أسنان طفلتيها منذ صغرهما. فقد احتاجت أسنانهما اللبنية العلاج من التسوس، وبعد ظهور الأسنان الدائمة باتا بحاجة إلى استخدام التقويم لأسباب لا تقتصر على المظهر، بل تتعلق بصحة الفك على المديين المتوسط والبعيد.

تُرجِع الأم تشوّه الأسنان، إلى غياب البيض والحليب عن معظم الموائد السورية، الأمر الذي يؤثر في شكل الأسنان وبنيتها. وتعتمد بعض الأسر على الفيتامينات الصناعية لإمداد أبنائها بالمواد الضرورية للنمو، مع العلم أنها بعيدة عن متناول الكثيرين، مما يجعلهم عرضة لخسارة أسنانهم في سن مبكرة.

تؤكد جمانة أن ليس في مقدورها دفع مئات الآلاف من الليرات السورية لمعالجة كل سن، ولولا مساعدة أختها المغتربة، ما تمكنت من توفير المعالجة المناسبة لابنتيها، فكلفة التقويم الواحد باتت تبدأ من 700 ألف وتتدرج صعوداً إلى 10 ملايين ليرة، تبعاً لحالة الفك والمواد، والمدة اللازمة وأخيراً نوع الجهاز: ثابت أو متحرك.

العلاج والتجميل لأولئك حصراً

تشير جمانة إلى الفوارق الكبيرة بين الأسعار التي تحددها نقابة أطباء الأسنان، وبين الأسعار التي يتقاضاها الأطباء، فيما لا يختلف الأمر كثيراً في التعويضات السنية من تركيب التيجان والجسور، إذ تتباين التكلفة بحسب العدد والنوعية.

تعتمد التسعيرة على عدد من العوامل مثل خبرة الطبيب ومهاراته، إذ تختلف أسعار نوع العلاج الواحد بين عيادة وأخرى في الشارع نفسه، بالإضافة إلى عدد ونوع الأسنان المُعالجة، وهل هي أمامية أم خلفية، فضلاً عن عدد الجلسات.

يعزو أطباء الأسنان الغلاء في المعالجات إلى النقص الحاد في الإمدادات والمعدات الطبية، ويشير من تحدثنا إليهم إلى أن «جميع مواد علاج الأسنان ومستلزماتها الأخرى باتت مستوردة»، وتختلف الأسعار تبعاً لاختلاف بلد المنشأ، فالمواد الكورية والصينية أرخص من الفرنسية والألمانية والسويسرية، والمريض لا يتمكن من معرفة «جنسية» المواد المستخدمة، ما يجعله في بعض الأحيان عرضة للغش والاستغلال.

في الوقت نفسه، تشهد العلاجات التجميلية للأسنان رواجاً كبيراً لدى طبقة الأثرياء والمغتربين. تصل تكلفة «ابتسامة هوليود» على سبيل المثال من نوع زيركون 650 ألفاً للسن الواحدة، ومع إضافة وجه E-Max يصير المبلغ بين 700 - 800 ألف ليرة للسن الواحدة. وهناك أنواع تبلغ تكلفتها مليون ليرة حسب حاجة السن إلى البرد، في حين تبلغ تكلفة وجه الكمبوزيت التجميلي المباشر نحو 250 ألفاً للسن الواحدة.

تؤكد الطالبة الجامعية لين، التي نجت من حادث سير فقدت على إثره سنين خلفيتين، أنّ الصيف هو مرحلة الكشف السنوي لأسنان أقاربها الذين يتدفقون من بلاد المهجر إلى عيادات أطباء الأسنان في سوريا لإجراء المعالجات لأنها أرخص لهم من غيرها، لكنّه ليس أبداً حال معظم البقية الباقية في الوطن. فالأسنان لم تعد للجميع هنا!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها