× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الخناق الاقتصادي يضيقُ في الشمال السوري: الترحيل يُقلّص الموارد

حكاياتنا - خبز 01-12-2023

مع تجدد معاناة المرحّلين من تركيا، يفقد الشمال السوري مورداً مالياً مهماً هو الحوالات الشهرية التي كان يرسلها اللاجئون إلى أقاربهم المقيمين في الداخل، ما ينعكس سلباً على القطاع التجاري خاصة مع استباق الترحيل بحظر زيارات العيد التي كانت تشكل فرصة لتنشيط التجارة في المنطقة عبر 40 ألف زائر سنوياً

الصورة: (صفحة معبر باب الهوى على فايسبوك)

بين عشية وضحاها، وجد عبد المجيد نفسه دون عمل ينفق به على أسرته المكونة من 4 أفراد نتيجة ترحيله من تركيا نحو إدلب، فيما لا تزال أسرته تقيم في إسطنبول دون معيل. 

يستطيع الشاب الثلاثيني ممارسة مهن كثيرة مثل النسيج والخياطة والتطريز، فقد كان العمل في تركيا كثيفاً ومجدياً. أما في إدلب حيث تخطت نسبة البطالة 80 بالمئة وفقاً لتقديرات غير رسمية، فصار مقيد الأيدي، لأن «فرص العمل نادرة والأجور قليلة لا تكفي لاستئجار غرفة في سرمدا أو الدانا»، وفق قوله.

تتزايد أعداد السوريين المرحلين قسراً من تركيا منذ إعلان نتائج الانتخابات التركية الصيف الماضي، وقد كشفت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا عن أن عدد اللاجئين الذين عبروه بعدما رحّلتهم السلطات التركية من أراضيها خلال شهر أيلول/سبتمبر بلغ 2579. أما في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فكان العدد 2.832 شخصاً. فيما سجل معبر باب السلامة عودة 3.783 في 9/2023، و2.164 شخصا في 8/2023. 

يقول عبد المجيد إن الفقر منتشر بكثافة في إدلب وتعيش معظم الأسر على دخل لا يتجاوز 1500 ليرة تركية (نحو 55 دولاراً أميركياً)، وهذا المبلغ لا يبلغ أكثر من 13 بالمئة من أجور العمالة في تركيا.

يضيف: «الإقامة في إدلب لسوري يعيش في تركيا منذ ثماني سنوات تشبه الانتحار لأن أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات في الشمال السوري تعادل أسعار مثيلاتها في تركيا».

تشمل منعكسات الترحيل السلبية الحركة التجارية في المنطقة جراء فقدان مبالغ كبيرة كانت تدخل السوق من الحوالات الخارجية

نظراً إلى حجم البطالة الكبير، كانت حوالات اللاجئين السوريين في تركيا تشكل أحد مصادر الدخل لآلاف العائلات المقيمة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، ومع تفشي ظاهرة الترحيل أسدل الستار على هذا الخيار لمئات الأسر.

سامر مثلاً كان يقيم في مدينة بورصة ويعمل في مصنع للموبيليا بمبلغ 11 ألف ليرة تركية شهرياً (تعادل 400 دولاراً). كان يرسل نصف هذا المبلغ إلى أهله في إدلب ويحتفظ بالباقي لدفع أجرة السكن الشبابي الذي يقيم فيه والمصاريف الأخرى. 

يقول سامر (23 عاماً) إن حالة أسرته كارثية بسبب ترحيله وجلوسه في المنزل دون عمل. ويشرح أن والده بات يلجأ إلى حلول سلبية لكسب لقمة العيش مثل التقشف في المصروف والامتناع عن شراء اللحوم والفاكهة وصولاً إلى بيع بعض أثاث المنزل. 

حال سامر تنطبق على معظم المرحلين الغالب كونهم من فئة الشبان العازبين، ما يؤثر في مستقبل هؤلاء الشبان لأن «فرص العمل في الداخل السوري لا تكفي لسداد الرمق، فضلاً عن تأمين مستقبل شاب مقبل على الزواج ويحتاج إلى مصاريف لها أول وليس لها آخر»، كما يقول.

تشمل منعكسات الترحيل السلبية الحركة التجارية في المنطقة، التي تأثرت بفقدان مبالغ كبيرة كانت تدخل السوق من الحوالات الخارجية. 
يقول أبو أحمد، وهو تاجر ألبسة في سوق معرة مصرين، إن السوق يعاني من برود تجاري غير مسبوق حتى في المواسم كالأعياد وفصلي الشتاء والصيف، عازياً ذلك إلى شح السيولة التي كان جزء منها يأتي من حوالات مالية من تركيا. 

بالتوازي، يشكو بائعو الحلويات من حركة البيع غير النشطة، فلا إقبال على شراء الحلويات العربية كالبلورية وعش البلبل والمبرومة إلا بشكل نادر لغلاء أثمانها، فيما يقبل المشترون على بعض الأصناف الرخيصة التي يستخدم في تحضيرها السمن النباتي الرخيص والفستق العادي عوضاً عن الكاجو والجوز والفستق الحلبي.

علاوةً على ما تقدّم، فاقمت كثافة الترحيل الطلب على المنازل والشقق السكنية في المدن البعيدة عن خطوط الاشتباك مثل أطمة والدانا وسرمدا في ريف إدلب، وأعزاز والباب في ريف حلب، وهو ما حفز مالكي البيوت على زيادة أسعار إيجارات البيوت المرتفعة أصلاً. 

في هذا السياق، استقر أبو العز وهو دمشقي أربعيني في مدينة سرمدا بعد ترحيله من تركيا، مؤثراً استئجار منزل على الإقامة في المخيم بمبلغ 100 دولار شهرياً. 

يقول أبو العز إن الإيجارات مرتفعة جداً مقارنة بحجم الدخل المتدني الذي يحصل عليه من عمله في متجر للمواد الغذائية داخل المدينة. ويضيف: «صار فينا مثل ما بيقولوا: أسعار باريسية ومعيشة صومالية».