× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

«الدّستوريّة» في دمشق: ما المخاطر والمنافع؟

عقل بارد - على الطاولة 18-03-2024

لا يلوح حتى الآن دخان أبيض حول عودة الروح إلى اللجنة الدستورية السورية. ورغم أن المبعوث الأممي دعا إلى عقد جولتها التاسعة، فعُقدة المكان تبدو كفيلة باستمرار التجميد، مع إحجام دمشق وموسكو عن الموافقة على العودة إلى جنيف، ورفض المعارضة فكرة عقدها في دمشق. لكن هل هناك مخاطر أو منافع لعقدها في العاصمة السورية؟

الصورة: (من الجولة الثامنة للجنة الدستورية المصغّرة في جنيف - أيار 2022/الأمم المتحدة)

«توفيت» اللجنة الدستورية السورية، أو لنقل: دخلت في «الكوما».

تُطالب أصوات بعقدها في دمشق، لتخرج أخرى محذرةً من «خطر كارثي» سيحدث إن عُقدت في العاصمة السورية، لأن هذا «يعني شرعنة حكومة دمشق، وتعرّض أعضاء الدستورية لمخاطر أمنية»، فضلاً عن أنه سيبدو ذهاباً إلى عقر دار الخصم (قلنا خصماً ولم نقل عدواً خجلاً من أنفسنا والله!). هذا ما تقوله أطراف في المعارضة.

أما دمشق فهي شبه صامتة حيال الأمر كما حيال أمور عديدة أخرى، فما تريده «تُقدمه لها المعارضة مجاناً ودون عناء»، وفق تعبير كثر من المتابعين والمحللين يقارنون بين هذا الملف، وبين حالة مشابهة سابقة رفضت فيها أطراف عديدة في المعارضة بيان جنيف (2012) وصمتت السلطة مستندة إلى رفض المعارضة له.

حسناً؛ لنفترض أن عقد الدستورية في دمشق «خطير للغاية»، فهل يخلو عدم انعقادها من المخاطر؟ لا ينظر السياسي إلى خطر الإقدام على خطوة فحسب، بل وأيضاً إلى خطر عدم اتخاذها أيضاً! حسناً إليك المخاطر كما أراها:

الخطر الأول هو طي صفحة القرار 2254. فاللجنة الدستورية هي ما تبقى من القرار، ولم يعد أحد يتحدث عن جسم الحكم الانتقالي، أو الانتخابات، أو بيئة آمنة. وبـ«وفاة» اللجنة الدستورية ينتهي هذا القرار، وغالباً ينتهي الحلم السوري بتحقيق التغيير وحماية الدولة والحفاظ على وحدة البلاد.

الخطر الثاني هو «نهاية المعارضة السياسية» بوصفها طرفاً حاضراً في التفاوض حول مستقبل البلاد، فالمسوغ الوحيد الذي يُتيح جلوس المعارضة على طاولة الحوار هو القرار 2254، وإلا فإن قوى الأمر الواقع هي الوحيدة القادرة على صناعة اتفاق سياسي على هواه. ليست مبالغة؛ فالمعارضة السياسية التقليدية مشتتة خارج البلاد، ليست لها قوة عسكرية على الأرض (دعك من الجيش الوطني السوري، فهو بيد تركيا لا المعارضة) وليست لها قوة اقتصادية، وليست لها سلطة إدارية على الأرض. بينما تتمتع «هيئة تحرير الشام»، وقوات سوريا الديمقراطية، والسلطة في دمشق بموارد عسكرية واقتصادية وإدارية. إذاً المعارضة السياسية موجودة في المعادلة ما دام القرار 2254 موجوداً، والقرار 2254 موجود ما دامت «الدستورية» موجودة. ربما ليس هذا ما يريده جميعنا، لكن هذا هو الواقع، وربما الواقع الوحيد!

الخطر الثالث تقسيم البلاد. هل أدعي أن عودة جلسات اللجنة الدستورية إلى الانعقاد تحمي البلاد من التقسيم؟ أجل؛ بصوت عال وعينين مفتوحتين تحدقان بالسلطة والمعارضة على حدٍّ سواء! مرة أخرى هذه ليست مبالغة! فقوى الأمر الواقع تبحث لنفسها عن اكتساب شرعية سياسية، حسناً، ما مصلحتها بوحدة البلاد؟ أفضل الحلول لها بقاء الأمر الواقع، وهذا إن استمرّ تقطعت البلاد وتقسمت إلى الأبد! لا يحلمن أحد بعودتها موحدة إن تقسمت، ولا يتوهمن أحد أن التقسيم مستحيل!

اللجنة الدستورية هي كل ما تبقى من القرار 2254، ولم يعد أحد يتحدث عن جسم الحكم الانتقالي، أو الانتخابات، أو بيئة آمنة

تلك هي المخاطر، فما هي محاسن عدم انعقادها؟ لا شيء! لا شيء البتة!! فهل هناك منافع من انعقادها في دمشق؟ نعم، وهي حسب ظنّي: 

أولاً: درء المخاطر الثلاثة المذكورة آنفاً، وعلى رأسها إعادة الحياة إلى القرار 2254.

ثانياً: متى دخلت المعارضة دمشق؟ باستثناء هيئة التنسيق الوطنية، معظم قوى المعارضة السياسية التقليدية خارج البلاد! وهل دمشق ملكٌ لطرف سياسي دون آخر؟ أليست دمشق لنا كلنا؟ لماذا يتخلى عنها طرف لآخر؟ كما إن القرار 2254 يتحدث عن توافق متبادل، وجسم حكم توافقي، فالعاصمة أولى التوافقات! هي عاصمتنا جميعاً وليست عاصمة السلطة وحدها. ثبتوا ذلك كرمى لله! خذوا مكتباً في دمشق ولو تعرضتم للخطر! أليست هيئة التنسيق جزءاً منكم؟ أليس لها مكتب في دمشق؟ وسعوه قليلاً! ألا تستحق البلاد بعض المخاطرة؟

ثالثاً: دخول المعارضة إلى دمشق بحماية أممية (أو حتى روسيّة) ليس مستحيلاً، ومطالبتها بلقاء الناس والتحرك في البلاد بحماية أممية ليست مستحيلة، لكنها بحاجة من يعتبرها هدفاً مرحلياً ويفاوض لأجلها. أليست في ذلك منافع بقدر المخاطر؟ هل تستأهل المنافع هذه المخاطر؟ نعم دون أدنى شك!

على الأرجح، لا تريد السلطة عقد اللجنة الدستورية من أساسه، فهي تسعى إلى استعادة شرعيتها بعناد وصبر، حتى لو أدى ذلك إلى تقسيم البلاد، ولعلها ترى أن تقسيم البلاد أهون من تشاركها السلطة مع أحد. 

لا تريد المعارضة عقدها في دمشق، فهي تخشى على نفسها من «حملات الفيسبوك» ومن بطش السلطة، وعدم قدرة الأمم المتحدة ومعها روسيا والولايات المتحدة على حمايتها. 

حسناً فلتمت اللجنة الدستورية وليمت القرار 2254 ورحبوا معنا بتحول التقسيم إلى حقيقة، وليكن الكل شريكاً في هذه الجريمة. أنزلوا الستار!


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها