حُسن سلطان
منذ شهور تروج في أسواق الشمال السوري أنواع مختلفة من العصائر، والمشروبات الغازيّة بأسعار شديدة التدنّي مقارنة بالسائد.
موزع المشروبات، عمار أبو الليث، يخبرنا بأن «لتلك المشروبات مصدران، الأول: شركات في الشمال السوري لديها معامل إما داخل البلاد أو في الجانب التركي، في حين أن الجزء الأكبر مستورد من دول مجاورة لا سيما تركيا والعراق، فتُشحن التركية منها عبر معبر باب الهوى الحدودي، أما العراقية فتدخل من المعبر نفسه، أو من خلال معبر الغزاوية قادمة من شمال شرق سوريا وصولاً».
يشرح أبو الليث أن معظم تلك المشروبات تُباع بموجب عروض (تخفيض) من المورّدين إلى تجّار الجملة، وبسبب ثمن المشروبات المتدني بالمقارنة مع ما يُصنع في معامل الداخل «تحظى بميزة تسويقية سريعة بالإضافة لأرباح وفيرة».
خلطات تجريبية فاشلة
يقول محمد (اسم مستعار) وهو أحد مالكي شركات المشروبات في الشمال السوري، إن «معظم تلك المشروبات بما فيها الطبيعية والعصائر، شارفت على انتهاء الصلاحية ولم يتبق لها سوى بضعة أيام حتى تصبح غير قابلة للاستعمال، بل منها ما انتهت صلاحيته بالفعل، مع ذلك تُطرح في الأسواق على هيئة عروض بعد نزع لصقات الصلاحية الأصلية ووضع أخرى بتاريخ جديد».
كذلك؛ وفق محمد، هناك أصناف من المشروبات لشركات قيد الانطلاق في العمل، تجري خلطات تجريبية وتكون التجربة الأولى لها فاشلة في أغلب الأحيان، ما يدفع أصحابها للاستعانة بأسماء علامات تجارية وهمية، تمهيداً لبيع الدفعات التجريبية بعد توزيعها على أصحاب المحال بأسعار زهيدة».
لكنّ مديرية التموين تؤكد أن «الجهات المعنية على المعابر الحدودية تسحب عينات من المنتجات الواردة للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات المعتمدة وتحليلها، كما تعمل فرق الرقابة التموينية وبشكل دوري على سحب عينات من جميع المنتجات المحلية والمستوردة وتلك الموجودة بالأسواق عند الشك».
«معظم معامل المشروبات في الشمال السوري تعود ملكيتها لأشخاص نافذين، أو تربطهم علاقة بهم»
يقول المدير العام للتجارة والتموين: «عند ضبط مشروبات منتهية الصلاحية؛ تنظم فرق الرقابة التموينية ضبطاً تموينياً يوصف حالتها والكميات الموجودة منها، إضافة للحجز على هذه المادة والتحقق من مصدرها، وإحالة المخالفين للجنة القضائية المختصة للبت بأمرهم، وتتلف هذه المشروبات أصولاً».
تصريحات مديرية التموين تتعارض مع ما هو سائد في السوق المحلية، فبحسب عاملين في تلك الشركات «معظم معامل المشروبات في الشمال السوري تعود ملكيتها لأشخاص نافذين، أو تربطهم علاقة بهم وهو ما يتيح المجال لهم باستجرار تلك المشروبات وتصريفها في الشمال السوري».
يضيف أحد العاملين أن «بعض أصحاب الشركات تربطهم علاقة بالمسؤولين عن تنظيم المخالفات في مديرية التموين، فيغضون الطرف عن تلك البضاعة إلى حين توزيعها على المحال التجارية ونشرها في السوق، ثم بعدها تُنظم مخالفات محدودة بحق أصحاب المحال بعد أن تكون الشركة قد وزعت كامل مخزونها».
«فرصة ورخصة»
انخفاض أسعار تلك المشروبات مقارنة بسعرها الحقيقي؛ دفع بعض الأهالي إلى الشك في صلاحيتها للشرب، فسعر العبوة الواحدة منها لا يعادل 25 بالمئة من المتعارف عليه. على سبيل المثال يبلغ سعر عبوة بسعة ليترين من مشروب غازي 40 ليرة تركية، لكن تُباع وفق بعض العروض بعشر ليرات، الأمر ذاته ينطبق على عبوات عصائر سعرها الطبيعي 45 ليرة تركية، وتباع بعشر. كما أن هنالك أصناف عديدة من عبوات التنك ومشروبات الطاقة التي تراوح أسعارها بين ثلاث وعشر ليرات، بينما أسعارها النظامية تبلغ خمسة عشر ليرة تركية.
مع ذلك، يتجاهل بعض المستهلكين الأمر، فيعزوه بعضهم إلى «احتمال وجود مضاربات وتنافس بين التجار وأصحاب الشركات». ويقول أحمد: «بالنسبة لي الأسعار النظامية لا تنسجم مع دخلي المحدود، لذلك ليس لدي خيار آخر.. هل من المعقول أن تقتلنا تلك المشروبات؟».
يختلف رأي عمر المحروق الذي اشترى أحد تلك المشروبات مرة واحدة ولم يكررها وفق قوله.
يقول المحروق: «الطعم واللون مختلفان تماماً وحتى الرائحة غير طبيعية، وخالية من الغاز. هذا السعر المنخفض ليس مصادفة، وصحتي بالنسبة لي تساوي كنوز الدنيا».
مخاطر صحيّة
«قد تتسبب تلك المشروبات بحالات تسمّم غذائي، وردود فعل تحسسيّة»، وفق ما يشرحه الطبيب علاء منديل، وخاصة «إذا كانت تحتوي على مواد كيميائية أو مكونات تتحلل بمرور الوقت، فضلاً عن اضطرابات هضمية مثل الانتفاخ، والغثيان، والإسهال نتيجة احتوائها بكتريا ضارة تتولد بعد انتهاء صلاحيتها وفساد المشروب، ويمكن اكتشافها من خلال تغير الطعم والرائحة».
يضيف منديل: «تترك المشروبات المنتهية الصلاحية آثاراً أخطر وأشد وقعاً على الأطفال، لا سيما العصائر أو الحليب المدعم بالفيتامينات، إذ تفقد قيمتها الغذائية بمرور الوقت، وتتحول إلى مواد ضارة نتيجة تعفنها وتعرضها للحرارة إثر التخزين غير السليم».
لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها
This work
by
SOT SY
is licensed under
CC BY-ND 4.0