صوت سوري
شهدت الأسعار في معظم أسواق المحافطات السورية، بعد سقوط النظام، انخفاضاً ملحوظاً وتوافراً للمواد بكميات كبيرة، مع غياب الحواجز الأمنية والإتاوات التي كانت تتقاضاها.
لكن، المعادلة مختلفة في محافظة إدلب، التي كانت خارجة عن سيطرة النظام، فارتفاع أسعار المواد الغذائية بات سمة السوق بعد الثامن من كانون الثاني/ ديسمبر.
يقول مهند، تاجر من إدلب: إن «الإقبال على أسواق المحافظة من قبل سكان المناطق الأخرى حفز شهية الباعة لرفع الأسعار، خاصة مع انحسار نشاط فرق المراقبة التموينية بعد فوضى سقوط النظام».
يرى مهند أن «نظام السوق الحرة المتبع في إدلب، وأعلنت وزارة الاقتصاد أنه سيطبق في عموم سوريا؛ يعتمد بشكل أساسي على العرض والطلب، وفي حال منعت السلطات الاحتكار؛ فإن تأثر السعر سيكون بمدى توافر المادة في السوق».
تُجمع كثير من الآراء على أن قرار توحيد الرسوم الجمركية، الذي أصدرته حكومة تصريف الأعمال في 11 كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، أدى إلى ارتفاع الأسعار في إدلب، ويُقدر مهند نسبة الارتفاع بالعموم بـ«عشرة في المئة».
وفق إدارة معبر باب الهوى الحدودي، وهو المصدر الرئيس لاستيراد البضائع إلى إدلب، كانت الضرائب المفروضة قبل سقوط النظام تقتصر على رسم «بدل خدمة» فقط، ومع القرار الجديد زادت الضرائب فارتفعت الأسعار في إدلب على عكس المحافظات الأخرى التي شهدت تراجعاً في الرسوم الجمركية؛ ما أسهم في انخفاض الأسعار.
واقع جديد بعد تأقلم طويل
المشكلة كما يقول نور الدين، أحد سكان سرمين بريف إدلب، تكمن «في أن الأجور التي يتقاضاها العاملون لم تتغير، وكان السكان قد اعتادوا تنظيم المشتريات التي استقرت أسعارها إلى حد ما (قبل القرار) بما يتناسب مع الدخل المحدد؛ لينتج معادلة مقبولة تضمن لهم تأمين مستلزماتهم الضرورية».
كانت الضرائب قبل سقوط النظام تقتصر على رسم «بدل خدمة» فقط، ومع القرار الجديد زادت الضرائب فارتفعت الأسعار في إدلب عكس المحافظات الأخرى
يضيف نور الدين: «مع الارتفاع المفاجئ للسلع وتقلبها؛ أصبح تطبيق هذه المعادلة صعباً؛ ما فاقم الوضع الإنساني، لا سيما مع تراجع المساعدات المتأثر بانخفاض الزخم الإعلامي الذي كانت تشهده المحافظة باعتبارها آخر معاقل المعارضة سابقاً».
تحسن وهمي
يوضح الصحافي الاقتصادي، محمد كساح، أن تقلب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار يسفر عنه اختلاف الأسعار وغلاؤها، مضيفاً «إن تحسنَ الليرة في السوق السوداء وهميٌ، ولا يلزم التجار تسعير السلع وفقه، ويضطر الأهالي، المعتمدون بشكل كبير على الحوالات الخارجية، إلى صرف الدولار بسعر منخفض وشراء المواد بقيمة مرتفعة».
يشير كساح إلى أن «مهمة ضبط السوق تقع على عاتق المصرف المركزي، إما بتقريب سعر صرف الليرة من السوق السوداء، أو توفير سيولة ليتمكن المواطنين من التصريف وفق النشرة الرسمية».
يؤكد أيضاً أن «هناك عراقيل تقف أمام الاستيراد، وهي سارية في كل المحافظات بما فيها إدلب، ومنها عدم تعامل المصرف المركزي والبنوك الأخرى بالقطع الأجنبي اللازم لعملية الاستيراد، وبقاء أرصدة مستوردين مجمدة في عهد النظام القديم، وعالقة رغم قرار إلغاء منصة تمويل المستوردين».
حلول مقترحة
يرى الباحث الاقتصادي، سمير الطويل، في حديثه لـ«صوت سوري» أن «أزمة ارتفاع الأسعار الملاحظة بشكل مباشر في إدلب وستلحقها المناطق الأخرى، ستبقى قائمة خلال المرحلة القادمة».
يشرح الطويل أن سبب ذلك هو «حاجة السوق الملحة لكل السلع، وعدم وجود ضوابط لمنع الاحتكار ودراسة لتحديد رسوم الجمارك بما يتوافق مع الدخل المحدود».
ويضيف: «الحكومة مضطرة للخصخصة واتباع نظام السوق الحرة لأنها تفتقر الموارد، ولكن يجب أن تتجلى مهمة الحكومة في مراقبة الأسعار بالأسواق ومنع الاحتكار، لأن "حيتان السوق" التي تنشط في سوق الصرافة، قادرة على التلاعب بسعر صرف الليرة، وفرض هيمنتها على المواد».
كذلك، يرى الطويل أن على الحكومة العمل على ترشيد عمليتي الاستيراد والتصدير لتبقى المواد الأساسية متوافرة، وأن تسعى لتخفيض رسوم جمركتها أو إلغائها لضمان وصولها للمواطن بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى أن تكون تبعية المصرف المركزي خلال المرحلة الراهنة لوزارة الاقتصاد، كي تتماشى القرارات الصادرة عنه مع سياسة الوزارة وتصب في إصدار قرارات تخدم المواطن.
لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها
This work
by
SOT SY
is licensed under
CC BY-ND 4.0