× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

قرى مدمرة تضيق بأبنائها: عائدون من الشمال يحنّون إلى التهجير!

حكاياتنا - خبز 09-06-2025

مع إزالة العقبات الأمنية وإعادة فتح الطرق بين المحافظات بعد سقوط النظام، عاد الآلاف إلى قراهم ومدنهم المدمّرة جزئياً، على أمل استعادة حياة فقدوها منذ سنوات. لكن العودة لم تكن سلسة، فقد اصطدم العائدون بجدران من العوائق الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، جعلت من «الاستقرار» مجرّد كلمة غير قابلة للتحقق في كثير من الأحيان.

الصورة: (شقة سكنها أصحابها في زملكا رغم الدمار المحيط بها / متداول على فايسبوك)

«رجعت ع بيت بيت أهلي، بس الغرف ما بتكفي لعيلتي. المطبخ والحمام مشترك مع أسر أخرى في إطار العائلة الكبيرة». يقول أبو يزن، الذي عاد إلى داريا مع زوجته وولديه بعد سنوات من النزوح في ريف إدلب.

ويضيف: «زوجتي عم تتضايق، وأنا ما بعرف كيف حل المشكلة. ما في إمكانية نبني بيت لحالنا، ولا نستأجر بيت تاني».

تزوج أبو يزن بعيداً عن والديه، بعد أن خرج مع مقاتلي داريا إلى الشمال السوري في نهاية العام 2016، تنحدر زوجته من قرية في ريف حلب، تختلف عادات أهلها عن المعتاد في مدينة أبويزن الذي تأقلم مع عادات أهل زوجته سريعاً، فقد كان وحيداً وبحاجة عائلة، لكنه يواجه الآن صعوبة في إيجاد طرق لتقبل زوجته عادات أهله، والعيش بعيداً عن أهلها.

ينقل أبو يزن عن زوجته انطباعها بعد أول زيارة لها إلى بيت عائلته: «قالت إنها لم تكن تتخيل هذا الوضع، فالعادات مختلفة، وحتى أسلوب الحديث واللهجة، حسّت حالها دخيلة، ووجودها هون موقت، مو بيتها الحقيقي. تحاول أن تعتاد، لكنها تتوتر أكثر فأكثر».

يروي الرجل كيف أن تفاصيل عائلية بسيطة يمكن أن تتحول إلى مسرح للخلاف، بسبب أشياء مثل ترتيب المطبخ، أو وقت استخدام الحمام، ويضيف: «عم نحس حالنا ضيوف مو أصحاب البيت، وكل يوم بزيد الحنين لبيتنا يلي سكنا فيه (في الشمال) رغم إنو كان صغير كتير وبضيعة نائية بريف إدلب».

خرجت طلفة وعادت زوجة

أما أبو عمر، الذي أمضى أكثر من عشر سنوات في مخيم عشوائي قرب أطمة (ريف إدلب الشمالي)، فقرر العودة إلى منزله في زملكا (ريف دمشق) مع زوجته وأطفاله الثلاثة، ليسكن إحدى غرف منزل عائلته مؤقتاً، ريثما ينتهي من بناء شقة على سطح المنزل الذي منحه إياه والده ليتقاسمه مع أخيه اللاجئ في مصر، الذي يعتزم العودة قريباً.

تعاني عائلات عائدة من التهجير صعوبات عديدة، فتفاصيل عائلية بسيطة قد تتحول إلى خلاف، بسبب أشياء مثل ترتيب المطبخ، أو وقت استخدام الحمام

تقول زوجته أم عمر، وهي من المدينة نفسها: «أنا ما بعرف حدا هون. بالأساس كنت طفلة وقت طلعنا من هون، وهلأ كل شي غريب».

وتضيف: «الولاد ما عندهم مكان يدرسوا أو يلعبوا، وأنا كل وقتي بالمطبخ أو بالغرفة. الحياة في المخيم رغم بساطتها كانت أوضح وأسهل من العيش بهاد الوضع المعلق».

ورغم أن السيدة تبدي انزعاجاً من ظروف سكنها الحالي، فإنها ترفض مطلقاً فكرة السكن في منزل فوق السطح، لا سيما أنها ستكون مضطرة لتشاركه مع عائلة شقيق زوجها، وهي لا تعرف عن أفراد العائلة إلا أسماءهم، ولم يسبق لها أن تحدثت إليهم.

تقول السيدة: «عملت مشكلة كبيرة مع زوجي لأنو ما رفض عرض أبوه. هو يتفهم وجهة نظري، بس المصاري يلي معنا ما بكفوا لنشتري بيت بمكان تاني، ولا منقدر نسكن بالإيجار لانو غالي ومو دايم».

الأعباء المالية تزيد العزلة

وتشكل الظروف الاقتصادية عوائق إضافية أمام لمّ الشمل العائلات. تقول السيدة حنان، وهي مهجّرة من ريف دمشق تقيم في إدلب، إنها لم تتمكن من قضاء عطلة العيد مع أهلها، رغم شوقها الكبير، بسبب الكلفة المرتفعة للسفر.

توضح السيدة أنها منذ سقوط النظام السابق لم تزر أهلها إلا مرة واحدة، وتقول «أهل زوجي مهجرين معنا بإدلب، حالياً مالنا مقررين نرجع نسكن بمدينتنا لأنو بيتنا مدمر. والزيارة مكلفة، أجور الطرق غالية ومرهقة».

تقارب أجرة الطريق بين دمشق وإدلب 10 دولارات للراكب الواحد، كما يُكلف كل 3 أطفال أجرة راكب بالغ، ويعود ارتفاع الأجور، بحسب أصحاب مكاتب النقل، إلى قرار الحكومة إلغاء الدعم عن المحروقات.

أما السيدة أم خالد فتعاني عزلة من نوع آخر، رغم أنها عادت إلى بلدتها في ريف دمشق من الشمال السوري، إذ تبقى حبيسة المنزل كما تقول.
وتضيف شارحة: «صعب نروح نزور أهالينا أو أقاربنا يلي معظمهم في محافظات تانية، أجور الباص صارت تعادل نفقات حياتنا لأسبوع، وإذا بدك تروح بسيارة خاصة، بتدفع قد نص معاش شهر. هاد الشي عم يخلينا محبوسين بمكاننا».

ترى أم خالد أن هذه العزلة «تقتل فرص إعادة بناء الروابط» التي تآكلت خلال سنوات التهجير، وتضيف: «حتى بالمناسبات ما عم نقدر نروح. عم نحس حالنا منفيين جوا بلدنا».

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0