× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

انتخابات مجلس الشعب: ما لم يقله الإعلام

عقل بارد - على الطاولة 03-08-2020

لا شك في أن كثيراً من الآراء ستقول إن مجلس الشعب هو مجرد كيان صوري. لكن برغم ذلك، فإنّ هذا المجلس وفق القوانين الدولية «شرعي»، شأنه شأن الدستور الساري حالياً، ما يعني أن تصدي المجلس لمهمتي إقرار التعديلات الدستورية، وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية، هو تصدّ حتمي

هي ثالث انتخابات برلمانية تشهدها سوريا بعد اندلاع أزمتها الوطنية العام 2011، صحيح أنها ظهرت وكأنها نسخة مكررة ـ ورديئة ـ عن سابقتَيها (2012 و2016)، لكن التدقيق فيها يوضح وجود تغيّرات ملحوظة وهامّة طاولت تركيبة المجلس، وشكل وآليات العمليّة «الانتخابية». من بين المستجدات مثلاً تجربة «الاستئناس» التي أجراها حزب البعث لاختيار ممثليه في قوائم «الوحدة الوطنية» للمرة اﻷولى منذ إيقاف الانتخابات داخل الحزب منذ العام 1979.

ما أهمية هذه الانتخابات؟
تأتي أهمية الانتخابات الأخيرة من أن المجلس الجديد سيعاصر - على الأرجح - إقرار دستور جديد للبلاد، في حال كُلّلت أعمال اللجنة الدستورية بتوافق ما.

ينص الدستور الحالي للبلاد، في المادة رقم 150 (الباب الخامس)، على ما يلي:
«1 - لرئيس الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق اقتراح تعديل الدستور.
2 - يتضمن اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلها والأسباب الموجبة لذلك.
3 - يشكل مجلس الشعب فور ورود اقتراح التعديل إليه لجنة خاصة لبحثه.
4 - يناقش المجلس اقتراح التعديل فإذا أقره بأكثرية ثلاثة أرباع أعضائه عُد التعديل نهائياً شريطة اقترانه بموافقة رئيس الجمهورية».
كما تقع ضمن صلاحيات رئيس مجلس الشعب، الدعوة إلى انتخاب رئيسٍ للجمهورية (المادة 85).
لا شك في أن كثيراً من الآراء سيقول إن مجلس الشعب هو مجرد كيان صوري. لكن برغم ذلك، فإنّ هذا المجلس وفق القوانين الدولية «شرعي»، شأنه شأن الدستور الساري حالياً، ما يعني أن تصدي المجلس لمهمتي إقرار التعديلات الدستورية، وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية، هو تصدّ حتمي. 
يتوجب هنا التنبه أيضاً إلى أن دمشق لا تزال حتى اليوم، تطلق على اللجنة الدستورية تسمية «لجنة تعديل الدستور»، ما يعني أن مقررات هذه اللجنة - وفق تصورات دمشق - ليست قطعيّة، بل تستوجب قبل إقرارها الحصول على موافقة ثلاثة أرباع أعضاء المجلس، وموافقة الرئيس الحالي (بشار الأسد). 
ثمة تغييرات أفرزتها النتائج التي أُعلنت رسمياً قبل أيام أطاحت بأعضاء في المجلس، هم في الوقت نفسه أعضاء في وفد دمشق إلى اللجنة الدستورية. مثل: طريف قوطرش (دمشق)، موعد محمد ناصر (السويداء)، جانسيت قازان (القنيطرة)، أما أبرزهم فهي أشواق عبّاس (طرطوس)، وهي عضو في الهيئة المصغّرة للجنة الدستورية (15×3). 

تطلق دمشق على اللجنة الدستورية تسمية «لجنة تعديل الدستور»، ما يعني أن مقرراتها ليست قطعيّة، بل تستوجب موافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الشعب، وموافقة الرئيس الحالي

تربط بعض الآراء بين هذه التغييرات وتغييرات أكبر في موازين القوى داخل السلطة نفسها، فيما يقول بعض المطلعين على الكواليس إنها تغييرات «موضعية»، قد ينجم عنها تغيير في بعض الأدوار لا أكثر، من قبيل دخول أشواق عباس إلى التشكيلة الحكومية القادمة مثلا. 

أما أعضاء اللجنة الدستورية الباقين في المجلس، فمنهم: أحمد نبيل الكزبري (الرئيس المشترك للجنة)، خالد العبود، جمال القادري، شيرين اليوسف، صفوان محمد قربي، محمد أكرم العجلاني، مهى العجيلي، نورا أريسيان، محمد خير العكام.
عموماً، سينبغي انتظار الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة (النصف الثاني من الشهر الجاري)، لمعرفة ما إذا كان الأعضاء الخارجون من «جنة مجلس الشعب» سيغادرون أيضاً تشكيلة اللجنة، أم لا.

إقبال ضعيف.. ما علاقة «كورونا»؟
في تصريح رسمي قال وزير العدل، هشام الشعار، إن عدد المشاركين في الانتخابات الحالية لم يتجاوز (6.2 مليون) من أصل (19 مليون) يحق لهم الانتخاب، وفق سجلات وزارتي الداخلية والعدل، أي أن نسبة المشاركة 33.17 بالمئة، من دون مشاركة ملايين السوريين خارج البلاد، وهو ما فسّره الشعار بالقول «لا يحق للسوريين خارج البلاد الاقتراع كون انتخابات مجلس الشعب تعتمد على الدوائر الانتخابية لكل محافظة».

وبحسب اللجنة العليا للانتخابات فقد بلغ عدد المرشحين 1656 مرشحا بينهم 200 مرشحة عبر 7277 مركزاً في جميع المحافظات.
غاب عن المشاركة أيضاً المقيمون في مناطق خارج سيطرة دمشق، مثل مدينة إدلب ومساحات واسعة من ريفها، وريف حلب، والرقة ومساحات واسعة من ريفها، إذ رفضت اﻹدارة الذاتية هذه الانتخابات ولم تسمح بإجرائها في مناطقها، وتم وضع صناديق للنازحين من تلك المناطق في محافظات أخرى. وللمرة اﻷولى منذ انتخابات 2012 عادت صناديق الاقتراع إلى الغوطة الشرقية. 
سجّلت الانتخابات انخفاضاً شديداً في اﻹقبال، لم تشهده البلاد في تاريخها السياسي المعاصر منذ الاستقلال، وهو ما أرجعه الشعار إلى «الخوف من فيروس كورونا». لا بأس في هذا السياق، من الإشارة إلى كثير من الازدحامات والتجمعات في أنحاء البلاد، وبإقبال كبير من السوريين، رغم كورونا. طبعاً، السبب في ذلك أن تلك التجمعات تحصل لأسباب يراها السوريون هامة (عكس انتخابات المجلس)، كشراء الخبز والسلع المدعومة التي تبيعها «السورية للتجارة»، أو السلع المتاحة بأسعار أرخص من الأسواق.

مقارنة مع انتخابات 2012 و2016
في انتخابات أيار 2012 أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، خلف العزاوي، في مؤتمر صحافي أن عدد من يحق لهم الانتخاب كان أكثر من عشرة ملايين ناخب (10.118.519)، من دون حساب عسكريي الجيش والشرطة في عملية الاقتراع.
وفي انتخابات (2016) أعلن رئيس اللجنة الانتخابية، هشام الشعار، في مؤتمر صحافي أن عدد من يحق لهم الانتخاب داخل البلاد أكثر من ثمانية ملايين ناخب (8.834.994)، مارس منهم حقه في الاقتراع 5.850.444 ناخباً، أي بنسبة مشاركة 57,56 بالمئة. 

قائمة الوحدة الوطنية (البعث وشركاه) هي اﻷساس الانتخابي، وتأتي مطبوعة على اﻷوراق الرسمية من وزارة الداخلية، رغم أن البعث نظرياً لم يعد حزباً قائداً للمجتمع والدولة

بين عدد من يحق لهم الانتخاب العام 2012 ونظيره العام 2016 فارق كبيرٌ يتجاوز مليون شخص، من دون إضافة عسكريي الجيش والشرطة. وبين العدد في العام 2016 ونظيره العام 2020 فارق ضخم جداً (أكثر من عشرة ملايين!) فأي من هذه اﻷرقام هو الصحيح؟
هل كان حساب منتخبي الدورات السابقة خاضع لمنطق السيطرة العسكرية لدمشق، التي كانت تسيطر على 40% من البلاد فقط؟ من الملاحظ من قوائم أسماء النواب أنها لم تفعل ذلك، فرغم خروج تلك المناطق عن السيطرة فإن مقاعدها بقيت، وتم تخصيصها بصناديق في محافظات أخرى. 
وإن كان يمكن ردّ الفرق بين رقمي 2012 و 2016 إلى عاملي النزوح والتهجير خارج البلاد، فإن رقم 2020 يشير إلى عودة هؤلاء النازحين أو حسابهم في العدد اﻹجمالي، وهو ما لم يحصل في الحالتين، إذ إن إنقاص رقم ستة ملايين (العدد التقريبي للمهجرين خارج البلاد) من اﻹجمالي، يجعل عدد من يحق لهم التصويت 12 مليوناً، لا ستة ملايين. فمن أين تأتي هذه الفروقات الهائلة؟ (ثمة ملاحظة هامة هنا، مفادها أن عدد سكان سوريا المعلن رسمياً على موقع المكتب المركزي للإحصاء، يتجاوز 26 مليون نسمة).

«ثوابت» رغم الدستور الجديد
لم يؤد الدستور السوري الجديد المقر في شباط 2012 أو بقية القوانين الجديدة الخاصة بالأحزاب السياسية (2011) أو الانتخابات العامة (2011 و2014) إلى حدوث أي تغيير أو حتى أثر صغير في الانتخابات الحالية أو السابقة، بما في ذلك إدارتها من قبل وزارة العدل أو الطعون في بعض النتائج الصادرة، ولم يتم إبطال نتيجة أي نائب.
كذلك بقي تقسيم الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المخصصة لكل محافظة على حاله، وما زالت نسبة النصف مخصصة للعمال والفلاحين. 
فضلاً عن ذلك، ما زالت قائمة الوحدة الوطنية ـ وهي نفسها قائمة الجبهة الوطنية التقدمية ـ اﻷساس الانتخابي، وتأتي مطبوعة على اﻷوراق الرسمية من وزارة الداخلية، ويحددها حزب البعث بقيادته القطرية بالتوافق مع أحزاب «الجبهة»، رغم أن البعث قانونياً وفق الدستور الجديد (2012) لم يعد حزباً قائداً للمجتمع والدولة.
أدخلت اللجنة القضائية العليا للانتخابات (التي أُحدثت في العام 2011 كي تحل محل وزارة الداخلية في اﻹشراف على الانتخابات) بضع تعديلات على قانون الانتخاب، فأصبح من حق عناصر الشرطة والعسكريين الاقتراع للمرة اﻷولى منذ خمسة عقود تقريباً (1972).ورغم ذلك يلحظ أن نسبة الاقتراع اﻷخير بقيت متدنية، وبأخذ مجموعة اعتبارات يعرفها السوريون جيداً، وهي أن على موظفي الدولة الاقتراع مجبرين (تم توجيه عقوبة إنذار لعدد من الموظفين في طرطوس لعدم اقتراعهم) وعددهم حوالى 1.5 مليون موظف. فيما لا يقل عديد العسكريين (بين الشرطة والجيش) عن المليون، وبفرض إلزام نصف هؤلاء بممارسة «الديمقراطية»، فالنتيجة الواضحة أن نسبة المشاركة المدنية الطوعية - بافتراض صحة اﻷرقام المعلنة – لم تتجاوز 25% ممن يحق لهم التصويت.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها