× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

سوريا: المكان اللغز!

حكاياتنا - حشيش 08-01-2021

حين سألني أحدهم عن اسم شاعر الهند العظيم، قلت له: طابور. وبدلاً من أن أقول: أنا أعتقد، صرت أقول: أنا أعتقل! كل شيء معكوس ومقلوب في هذه البلاد، حتى يخيل إلي أن الحل هو الانقلاب

الرسم: (Hassan Bleibel - كارتون موفمينت)

أحيانا يُخيل إليّ أن الله خلق هذا المكان، سوريا، ساحة تجريب لتكسير القوانين الفيزيائية، وإعادة صياغة قوانين الطبيعة!

كل شيء فيها معكوس.

يُشيدون معامل أدوية، فنقول: جيد، الأدوية ستصبح وفيرة ويرخص سعرها، ونفاجأ بعد مدة أن الأدوية فقدت وزادت أسعارها! يدشنون بئر بترول، أو خط غاز، ونفاجأ بعد ذلك بانحسار الكميات المطروحة، ومضاعفة أسعار مشتقات النفط والغاز! 

يعدك المسؤول بقضية وفي الصباح يحصل العكس تماما.

كل شيء معكوس يا سبحان الله!

سلعة يحبها الناس ويقبلون عليها، يقول المنطق إن الحكومة ستوفرها بكثرة لأن أرباحها ستتضاعف بالتأكيد، لكن السلعة إياها تختفي، لتعود بعد مدة بسعر مضاعف مراراً.

كل شيء معكوس، فحين كان انتشار فايروس كورونا في حدوده الدنيا، أغلقوا الدنيا، لكن حين تحول إلى اجتياح، وتساقط بسببه خيرة أبناء البلد، وما زالوا يتساقطون يومياً؛ يتفرج الشباب، ولا أحد يفكر بسيرة الإغلاق.

إنها مدرسة فريدة في الإدارة. إدارة التحطيم، لا تحطيم سبل الحياة فقط، بل تحطيم توازنك في التفكير والتماسك.

كل شيء معكوس ومقلوب، حتى يخيل إلي أن الحل هو الانقلاب، لا تفهمونا غلطاً، أقصد الانقلاب الجسدي، فأمشي على رأسي، وأفكر بقدمي لأستطيع التأقلم.
حين سألني أحدهم عن اسم شاعر الهند العظيم، قلت له: طابور.

مسكين طاغور، فقط غيرت في اسمه حرفاً، فتغيرت حرفته!

وبدلاً من أن أقول: أنا أعتقد، صرت أقول: أنا أعتقل! 

وحين أعزي بشخص، وبدلاً من عبارة «الله يرحمه»، أكتب: «الله يرجمه»!

كل شيء معكوس ومقلوب. حتى صرنا نحكي النكات في التعازي، وتنهمر دموعنا في مناسبات الفرح (في ما تبقى من مناسبات نتوهم فيها الفرح).

نعم صارت البلاد مصنعاً للبله!

صار السوري مصدر شفقة بعد أن كان مصدر عزة. 

تخيل / ي، أن أهالي الجولان الواقعين تحت الاحتلال، يرسلون المساعدات إلى أقربائهم!

تحت الاحتلال ويساعدك!

كل شيء معكوس ومقلوب. كل شيء.

وهذا الوطن، يخلع أحلامنا ويستمتع بفرطها أمامنا كحبات سبحة، ولا يمنحنا أو يترك لنا سوى حلم وحيد:  حلم الرحيل.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها