× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

دفاتر ورق الشّام.. والجائزة المستحيلة

حكاياتنا - حشيش 04-02-2021

حين سافرت خارج بلادنا العزيزة، وجدت عشرات اﻷنواع من ورق اللف، وكثير منها ذو نوعية جيدة، لكن أيّاً منها لا يعد بجائزة، ولا يضع قصائد عصماء في مديح التبغ، أو ينصح بالعض الدائم للسيجارة الملفوفة، ولا يطالب بمعاضدة المصنوعات الوطنية

«جائزة ألف ليرة لمن يُثبت ورق سجائر أطيب من ورق الشام».

منذ وعيت على الدنيا أواجه معضلة لم تحل حتى اﻵن: من أين، وكيف أحصل على اﻷلف ليرة التي وعد بها صاحبا شركة دفاتر «ورق الشام»؟ فلطالما شعرت، وأنا غير مدخنة وقتها، بأن هناك ورقاً أطيب منه. 

اعتاد أبي أن يؤكّد لي وهو يلفّ سيجارة تبغه المفروم على يده، أن هناك على الأرجح ورقاً أفضل، لا يجبر المدخن على البصاق على ورقة اللف التي سيحرقها، ويحولها إلى مرطيسة من البصاق! والمرطيسة، أيتها السيدات، أيها السادة، هي المكان الذي يظهر فيه الحيوان مواهبه في التمرمغ في الوحل الملوث بكل أنواع البول والبراز!

طيب، كيف يمكن أن يكون هناك ورق أطيب من ورق؟ وكيف سأثبت لهم أن الورق الذي اكتشفته أطيب من ورقهم؟ ألا يجب أن تكون هناك لجنة تقييم؟ يا عيني إذا كانت هناك لجنة فقد خسرنا سلفاً، فأنا حتماً لن أعرف أي شخص في اللجنة أرشوه بنصف قيمة الجائزة كي يقف في صفي. 

لربما سألتني اللجنة ما هو نوع الشجرة المصنوع منها الورق؟ ورق السنديان أم ورق البطم أم ورق المليسة مثلاً؟ هل هناك ورق بطعم الشيش أو الشاورما أو الكباب أو القُبلات؟ حتى اﻵن لم تتفتق مواهب البشرية عن هذا الاختراع الذي أتمنى ألا يظهر وألا تسرق الفكرة، فتتسبب بمزيد من قطع الغابات واﻷشجار، لإنتاج دفاتر منكّهة.

كنت أتساءل دائماً: لماذا لم يضع الأخوان شربجي، عنواناً واضحاً يمكن الذهاب إليه لقبض تلك المكافأة المحرزة؟ أليس هذا غشّاً يحاسب عليه القانون غير الموجود؟ 

ماذا لو أسافر إلى بيروت حيث معمل الورق، وهناك أبحث عنه؟ سوف أُجري فحص كورونا بأكثر من مئة ألف ليرة، وأصرّف غصباً عني مائة شوئسمو على الحدود، كمان يا عيني على هالعلقة، بلاها هالعلقة كلها.

أصلاً ما عادت تلك الجائزة تغريني، فقد كانت الألف ليرة أيام زمان ألف ليرة، وليست عشر ليرات كما هي اﻵن، والدليل أن أبي اشترى بيتاً في حي ركن الدين بالشام بألفي ليرة، يوم كانت الألفان ألفين، ولم تكن عبارة عن قطعة ورقية بنفسجية واحدة كما هو الحال اﻵن. 

بعد أن تعلّمت لفّ السجائر العربي، انتبهت إلى أن الإعلان لا يذكر نوع الليرة: هل هي سورية؟ أم لبنانية؟ لكنني اكتشفت أن المعمل بُني قبل انفصال لبنان عن سوريا، ما يعني أنها ليرة من زمن الفرنساوي، أي أن قيمتها ذهب، على اسم عائلتي الكريمة. 

حين سافرت خارج بلادنا العزيزة، وجدت عشرات اﻷنواع من ورق اللف، وكثير منها ذو نوعية جيدة، لكن أيّاً منها لا يعد بجائزة، ولا يضع قصائد عصماء في مديح التبغ، أو ينصح بالعض الدائم للسيجارة الملفوفة، ولا يطالب بمعاضدة المصنوعات الوطنية.

حسناً، لا أخفيكم سرّاً: أنا إلى اليوم أحلم بأن أقبض تلك اﻷلف، وأن أصرفها على ملذاتي الشخصية.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها