× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

حكاية سلام: الفتاة التي صارت شابّاً هرباً من مغتصبيها!

حكاياتنا - خبز 23-06-2021

لا يرتبط العنف الجنسي الذي تعرضت له سلام بالحرب. اغتُصبت الفتاة مرتين، الأولى في طفولتها على يد أحد أفراد العائلة، حين صارت شابة راح المُغتصب يطاردها لأنه قرر ذبحها «غسلاً لشرف العائلة». اليوم تقف الشابة على أعتاب مرحلة جديدة من حياتها، في مكان جديد، لكن بالذاكرة ذاتها

الصورة: (The Gender Agency - فليكر)

كان عمرها عامين حين غادرت أمها المنزل بسبب الخلافات المتكررة مع زوجها الذي أحب صديقة عمرها وإشبينتها، ثم اقترن بها، لتصبح هذه المرأة مسؤولة عن الطفلة التي لم تر أمها الحقيقية منذ ذلك الوقت سوى ساعات قليلة بعد ثلاث سنوات كاملة.

بعد فترة صار كل من حول سلام يخبرها بأن والدتها ماتت إثر حادث.

كانت تلك الوقائع مجرد بداية لحكاية سلام الطويلة. زوجة الأب أنجبت ولداً تعلقت به الصغيرة، وأحبته كثيراً كأنه جاء لينتشلها من عزلتها، لكن زوجة الأب تغيرت بعدها كليّاً. 

تقول سلام (اسم مستعار): «منذ ولادة شقيقي لم تعد تحبني. صارت تعاملني بقسوة، وتضربني كثيراً، وتعيّرني بأمي. كان والدي يسافر دائماً، وإجازاته قصيرة، أحاول أحياناً أن أشرح له ما يصيبني فتقاطعني، ولا تسمح لي بالانفراد به. هو كان يوافق هواها دائماً، وسرعان ما تنتهي إجازته، فتعود خالتي لتعاقبني من جديد. أصعب شيء بالنسبة لي كان حين تضع طعامي في الزاوية وتقول لي: كلي مثل الكلبة».

الاغتصاب الأول

كانت ابنة السنوات الست وحيدة في المنزل حين دخل عمها الصغير (خمسة عشر عاماً)، وبدأ يتحرش بها، وينزع عنها ثيابها. شعرت الصغيرة بالخطر، وراحت تصرخ بفطرة الأنثى، بلا جدوى.

«اغتصبني عمي.. نعم اغتصبني. لم أكن أعرف حينها معنى الكلمة، لكن الدماء النازفة كانت تلطخ ثوبي، والألم الكبير الذي شعرت به لا يمكن وصفه».

حين عادت زوجة الأب كانت سلام في حالة صدمة وهي تخبرها أن عمها اعتدى عليها، لكن المرأة لم تتكلم، أغلقت عينيها وفمها، وأخذت الصغيرة كي تغسل دليل القهر، وتصمت عن القصة لأبد.

لم تفهم الصغيرة سبب ذلك السكوت، وأخبرت جدتها (والدة أبيها) بما فعله ابنها، فوجئت الجدة، لكنها صمتت أيضاً!

حين أخبرت الطفلة عمها الكبير بما حصل، ضربها وصاح بها: «بدك تفضحينا يا بنت الشرموطة»؟

تقول سلام: «واصلت حياتي. كان الوقت يمر مثل سلحفاة حتى أنهيت الثانوية العامة بمعدل 80 %، كنت أرغب بدخول كلية الفنون الجميلة، لكن والدي أصر على معهد الفنون النسوية». وتضيف: «كانت زوجة أبي تعطيني أجرة الطريق بلا أي مصروف إضافي، وإن ذهبت إلى المعهد مع عمي الكبير بسيارته؛ كانت تخصم نصف الأجرة».

في العشرين من عمرها كانت جدتها (أم والدتها) تعطيها المال خلسة، وأرسل لها خالها ثمن هاتف محمول، لكن زوجة أبيها عرفت بالأمر، فأخذت كل ما كان معها من مال، وهددت زوجها الذي كان في إجازة بأن تترك البيت قائلة: «إما أنا أو بنت العاهرة في البيت». يومها أمسك والدها حذاء بلاستيكياً وضربها على فمها ووجهها، فقررت الهرب دون رجعة مهما كان الثمن.

لجأت سلام إلى صديقتها في مدينة السويداء. أغلقت هاتفها الصغير لمدة يومين، وعندما أعادت تشغيله اكتشفت أن والدها أرسل عدداً كبيراً من الرسائل التي تدعوها للعودة، وأخرى تتهمها بالذهاب مع شخص من خارج الطائفة، وتخبرها بأنها أصبحت معرضة للقتل بحجة الدفاع عن الشرف.

«اتصل والدي بي، أخبرته أنني هربت من الظلم والقسوة، لكنه أصر أنني خطفت لخارج الملة. لا أعلم كيف أدخلوا هذه الفكرة إلى رأسه واقتنع بها. حرّر محضراً وبطاقة بحث في قسم الشرطة، واستصدر قراراً بمنعي من السفر. رغم ذلك اختبأت شهرين ونصف الشهر عند صديقتي التي سعت مع معارفها لتجد لي عملاً في دمشق».

«اغتصبني عمي.. نعم اغتصبني. لم أكن أعرف حينها معنى الكلمة، لكن الدماء النازفة كانت تلطخ ثوبي، والألم الكبير الذي شعرت به لا يمكن وصفه»

كان ضبط الشرطة عائقاً أمام تحركاتها، فسلمت نفسها إلى المخفر، وقابلت رئيسه الذي تعاطف معها، وأرسل في طلب عمها لاستلامها بعد التعهد بعدم التعرض لها.

هكذا عادت سلام للمرة الأخيرة إلى قريتها، وهي متيقنة من أن الموت يحاصرها من كل صوب. 

كان عمها المغتصب يريد قتلها و«غسل عارها» حسب تعبيره. 

تقول: «كنت أسمع تمتمات كثيرة، في كل لحظة كنت أتوقع أن يفتحوا الباب ويُفرغوا غضبهم ويتخلصوا مني. كيف مضت تلك الليلة لا أعلم».

الاغتصاب الثاني

هربت سلام إلى دمشق، وهناك بدأت العمل بعد أن انتحلت اسماً مختلفاً. 

أمضت سنتين كاملتين في العمل من دون أن يعلم بقصتها أحد. بعدها، تغير مدير عملها وحلّ بدلاً منه واحد من محافظتها فأحست بالأمان، واعتبرتها إشارة من السماء لتعويضها عن سنوات القهر والحرمان من العائلة، فتعلقت به، وبدأت تحبه.

وبعد فترة قصيرة اكتشفت أنه متزوج وله أطفال، وكان يتلاعب بمشاعرها، فقررت أن تبتعد عنه. تخلت عن العمل، وانزوت في غرفتها المستأجرة في جرمانا. 

بعد مدّة طُرق الباب. كان هو، استدل على مكان سكنها وأراد رؤيتها للاعتذار وطلب الصفح.

تقول «لم أكن أرغب برؤيته ولا بأي حديث معه، وبعد جدال طويل كان ميؤوساً منه، ثبتني من يديّ بشكل مفاجئ، وشلّ حركتي بعد أن أسقطني أرضاً، وحبس بقدميه جسمي، وبدأ باغتصابي. لم أستطع الصراخ، كان عقلي في القرية التي هربت منها، وفضيحتي التي لا ذنب لي فيها وهي تلاحقني. رحت أبكي وأبكي بصمت الميت». 

وتضيف: «كل ما أذكره بعدها أن والدة صديقتي التي احتضنتني في بيتها عامين اتصلت بي صدفة، رحت أبكي، ولم أستطع الكلام. بعد ساعات وجدتها أمام بابي، حضنتني وقالت لي: ضبي أغراضك الضرورية، بدك تعيشي معنا بالبيت».

الشاب المتفائل

في مكان سكنها الجديد؛ كان جميع أهل البيت يعلم قصتها، واسمها الحقيقي، ما عدا رب الأسرة الذي كان يعرفها باسم سلام، صديقة ابنته القادمة من اللاذقية للعمل، وهو ما قررته الأم لأمر متعلق بزوجها.  

استقرت الحياة أشهراً على هذا المنوال، وافتتحت سلام وصديقتها محلاً للإكسسوار. 

فجأة انقلبت الأحوال بعد أن علم والد صديقتها ما كان يجهله، وطردها من المنزل. 

في نهاية المطاف، حلقت سلام شعرها «على الزيرو». صارت تستخدم عدسات لاصقة ملونة، وترتدي ثياب شاب عشريني، ومضت تبحث عن مسار جديد لحياتها. 

تخطط سلام للسفر بعيداً، فليس في هذه البلاد ما تندم عليه. ظلت شهوراً تراسل السفارات، والمنظمات الدولية بحثاً عن بلاد تمنحها فرصة البدء من جديد، خاصة بعد أن تأكدت أن عمها (مغتصبها) لا هم له في الحياة سوى إيجادها، وذبحها لـ«غسل عار العائلة»!  

اليوم تقف الشابة على أعتاب مرحلة جديدة من حياتها، في مكان جديد، لكن بالذاكرة ذاتها.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها