× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الشوندر: حلو حياتنا مرٌّ

عقل بارد - على الطاولة 12-10-2021

تختفي مقومات عيشنا تدريجياً في هذه البلاد: لا كهرباء، ولا محروقات، وخبز مقنن، والآن لا سكر. كيف اختفى السكر من الأسواق، ومن بطاقتنا «الذكية» وقد كنا ننتج نسبة جيدة من حاجتنا إليه؟

الصورة: (مبادرات سوريا - فايسبوك)

كان الشوندر السكري المحصول الثالث اقتصادياً في سوريا، بعد القمح والقطن، وكان عماداً لحياة كثير من المزارعين.

توزعت زراعته قبل الحرب على أربع مناطق أساسية هي: دير الزور، والرقة، وحلب، وسهل الغاب، بمساحة تقدر بثلاثين ألف هكتار، وكانت لدينا ست شركات لتصنيع السكر في كل من حمص، وتل سلحب، ودير الزور، والرقة، والثورة (الطبقة)، والغاب، وكلها تتبع المؤسسة العامة للسكر، وقد كلف إنشاء تلك المعامل الدولة السورية المليارات. 

من حيث الإنتاجية يعطي الهكتار الواحد المزروع بالشوندر، في الظروف المثالية، نحو 5 أطنان من السكر الأبيض، ووطن ونصف الطن من الأوراق الجافة (تستخدم للأعلاف)، و30 طناً من مخلفات التصنيع تصلح لاستخدامات مختلفة. كذلك؛ تخلق زراعة الهكتار الواحد فرص عمل تقدر بـ122 ساعة عمل، وتساهم في خفض البطالة وتحويلها إلى إنتاجية عالية. وينتج عن تصنيع الشوندر نحو 400 ألف طن من التفل خلال الموسم، تُشكل مادة علفية رخيصة. وتؤمن مخلفات عملية تصريم الشوندر مادة أولية لصناعة الكحول والخميرة. 

كانت دورة زراعة الشوندر، واستخلاص السكر منه توفر على البلاد ملايين الدولارات، وقد بلغ إنتاج المؤسسة العامة للسكر في العام 2010 قرابة 180 ألف طن من السكر الأبيض يقدر ثمنها بنحو مليون دولار. 

تستورد سوريا حالياً نحو 400 ألف طن من السكر الأبيض، وهذا أقل مما كان يستورد قبل الحرب، لكن السبب لا يعود إلى تحسن الزراعة، أو توافر المادة، بل إلى ضعف القدرة المالية، ونزوح الملايين، وتغير العادات الاستهلاكية 

في العام 2011 بلغ إنتاج الشوندر نحو 1.4 مليون طن، بينما تدهور الإنتاج في العام 2017 إلى نحو 12 ألف طن، وللقارئ/ـة تخيل مقدار فرق العائد المادي على المزارع والدولة.

ومع تدحرج كرة النار السورية تحولت أغلب الأراضي التي يزرع فيها الشوندر إلى مناطق اشتباكات ساخنة، وأدت العمليات العسكرية إلى نزوح أعداد كبيرة من الأسر التي كانت تعمل في الزراعة، كما سُرقت معظم مضخات المياه، وشبكات الري، ومع تهاوي مستويات الأمان الاقتصادي انخرط عدد من سكان تلك المناطق بمن فيهم قسم من المزارعين في العمليات الحربية، وخرجت شركات عديدة من خريطة الإنتاج، ثم فُككت وبيعت خردة. 

ونتيجة انخفاض المساحات المزروعة، قررت اللجنة الاقتصادية في العام 2014 تحويل إنتاج الشوندر إلى شركة الأعلاف، في ضوء انخفاض كميات الشوندر الموردة. 

في العام الحالي حاولت اللجنة الاقتصادية المكلفة من رئاسة الوزراء إحياء زراعة الشوندر، فأوصت بزراعة 6700 هكتار، وأعلنت الهيئة العامة لإدارة وتطوير سهل الغاب عن التعاقد مع مزارعين لزراعة 4385 هكتاراً، ومن المفترض أن تُوفّر بذار للمتعاقدين مع شركة تل سلحب للموسم الزراعي 2021-2022 اعتباراً من شهر تشرين الأول الحالي. تبلغ كمية البذار اللازمة 47 طناً من الأصناف الملائمة للزراعة في سهل الغاب، والمتوقع إنتاج 200 - 260 ألف طن من الشوندر السكري.

كان التعاقد الأولي بقيمة 175 ألف ليرة يحصل عليها المزارع مقابل الطن الواحد، وقبل فترة وجيزة رُفع السعر إلى 250 ألف ليرة للطن الواحد. ومن بين أهم النتائج المتوخاة تأمين المادة الأولية لتشغيل معمل سكر تل سلحب بكفاءة اقتصادية. 

تستورد سوريا حالياً نحو 400 ألف طن من السكر الأبيض، وفي العام 2018 سجلت فاتورة الاستيراد الإجمالية 193 مليون دولار. هذه الكمية أقل مما كان يستورد قبل الحرب، لكن السبب لا يعود إلى تحسن الزراعة، أو توافر المادة، بل إلى ضعف القدرة المالية للاستيراد، ونزوح الملايين إلى خارج البلاد، وتغير العادات الاستهلاكية للسكان واقتصارها على أهم الأساسيات لدى شرائح كبيرة (لم يعد كثر يفكرون في صناعة المربيات المنزلية مثلاً)، ما قلل حاجة السوق. 

تقف المعوقات المعتادة في وجه زراعة الشوندر، كما غيرها من الزراعات الاستراتيجية الأخرى في البلاد، فتكلفة الإنتاج لا يغطيها المردود الضعيف، والتضخم يزيد من سوء الأوضاع، إضافة إلى دورات الجفاف، وصعوبة تأمين موارد مائية مع انخفاض منسوب الأنهار، ومع قرار مفاجئ وغريب من المصرف الزراعي بإيقاف بيع الأسمدة بالسعر المدعوم والتحول إلى بيعها بالسعر الرائج.  


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها