× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

بعد أن عرتنا الحرب.. هل نستعيد قطننا؟

عقل بارد - على الطاولة 13-10-2021

في مطلع شهر تموز الماضي سمحت دمشق للقطاع العام، والصناعيين باستيراد مادة القطن المحلوج، في سابقة يراها كثير من الخبراء مسماراً أخيراً في نعش القطن السوري، الذي يعد واحداً من أهم المحاصيل الاستراتيجية التي اجهزت عليها الحرب

الصورة: (Ahmad Saleh - فليكر)

ظلت سوريا لعقود واحدة من الدول الرائدة في مجال زراعة القطن، إذ زرع في إطار خطط اقتصادية منذ الخمسينيات.

إذا أخذنا العام 2010 مقياساً، ورغم فترة الجفاف، كان هذا القطاع يستقطب 20% من الأيدي العاملة في المناطق الخاصة بزراعته، وبلغت المساحة المزروعة 200 ألف هكتار، بإنتاجية قدرها 800 ألف طن شكّلت 8.3% من الإنتاج العالمي.

كانت أكثر المحافظات زراعة للقطن هي الحسكة أولاً، ثم حلب، والرقة، ودير الزور، وبعدها حماة، وكان يشكل نحو 20-30% من مجمل الصادرات الزراعية، وكان المحصول الزراعي الأول، والصناعي الثاني لجهة تأمين القطع الأجنبي للبلاد. 

في العام 2015 أعد مجلس الوحدة الاقتصادية العربية دراسة حول صناعة النسيج في سوريا، جاء فيها أن قيمة إنتاج القطاع النسيجي للعام 2010 بلغت نحو 3.1 مليار دولار، بتشغيل 350 ألف عامل يشكلون 30% من العاملين في القطاع الصناعي كله. 

احتلت سوريا المرتبة الثانية عالمياً بعد الهند في إنتاج ألياف القطن العضوي للموسم 2009 ـ 2010، إذ بلغ إنتاجها بحسب تقرير بورصة الأقمشـة العالمية (TE) 20 ألف طن. كما احتلت المرتبة الثانية عالمياً بعد أستراليا من حيث مردود وحدة المساحة، بمعدل أربعة أطنان للهكتار الواحد منذ العام 2001. أيضاً كانت سوريا من الدول الأولى في زراعة القطن الملون (البني والأخضر) مع ملاحظة أن القطن العضوي والملون هما الأعلى سعراً. 

وبسبب هذا الإنتاج العالي والربحية المرتفعة أنشئت محالج ومصانع عديدة لإنتاج الخيوط والنُّسج في البلاد، لتحقق الصناعات النسيجية نسبة 40% من مجمل الاقتصاد السوري غير النفطي قبل الحرب، ولكن نسبة مساهمتها اليوم دون 2%.

أخطر ما يهدد زراعة القطن السوري افتقاد اليد العاملة بسبب قلة المردود، وصعوبة المعيشة اعتماداً عليه. كانت المساحة المتاحة لزراعة القطن هذا العام في الحسكة 28 ألف هكتار ضمن خطة وزارة الزراعة، لكن لم يزرع منها سوى أقل من 5 ألاف هكتار

دمرت الحرب الاستقرار الاجتماعي الذي كان يرفد الزراعة والاقتصاد، إذ تركت مجموعات سكانية كبيرة أماكن إقامتها، وبالتالي الأراضي الزراعية، كما خلقت الحرب موارد اقتصادية موازية، اجتذبت الكثير من الشباب بعيداً عن الزراعة التي بات استقرارها صعباً في ظروف غير مثالية. 

استقر الكثيرون في المراكز السكانية الكبيرة في سوريا، وغادرها كثر أيضاً، فخلت الأراضي من العاملين وحتى من ملاكها الذين عملوا في مهن أخرى، ما يجعل عودتهم إلى الزراعة صعبة حتى وإن عادت ظروفها الموضوعية. 

هذا العام، بات القطن المحصول الاستراتيجي الثاني (بعد القمح) الذي يُسمح باستيراده، بعد أن أوصت اللجنة الاقتصادية الحكومية بالسماح للقطاع العام، وللصناعيين باستيراد القطن المحلوج، والخيوط القطنية وفق طاقتهم الفعلية لمدة ستة أشهر (حتى نهاية العام الحالي). 

تزايدت مخاوف الصناعيين بسبب ذلك القرار، فاعتبره البعض بداية النهاية لمعامل الخيوط القطنية، واحتجوا بأن القطع الأجنبي الذي سيسُتنزف عبر الاستيراد من الممكن توظيفه لإعادة تخديم الزراعة. هذا بالإضافة إلى توقعات برفع وشيك لأسعار الأقمشة والألبسة الجاهزة بعد القرار. علاوة على مخاوف من خلق نافذة جديدة للتهريب المزدهر، فقد تهرب الكثير من الخيوط والنسج من الخارج لتبدو أنها مستوردات بموجب القرار، كما أن أي استيراد من دون إجراءات وقائية واحترازية لحماية المنتج الوطني سيكلف الاقتصاد خسائر كثيرة. 

برغم ذلك، يرى بعض الصناعيين جانباً إيجابياً في هذا السماح، فمعامل النسيج لن تُضطر إلى التوقف بسبب قلة الإنتاج، وستقل بطالة العاملين في هذا القطاع. 

بعد أن تراوح إنتاج القطن بين 50 و60 ألف طن في سنوات الحرب، اصطدمت الحكومة السورية بكثير من العقبات أثناء سعيها الخجول لتدارك الكارثة. المفارقة أن أهم تلك العقبات كانت الخطة التشجيعية لزراعة القمح التي تهدف إلى جعل 80% من الأراضي الزراعية مخصصة لزراعة القمح، ما أثر على القطن بشكل مباشر، فضلاً عن توقف زراعته في حماه والرقة، بسبب شح المياه وصعوبة التسويق. في الوقت نفسه أعادت الحكومة إحياء زراعة القطن في سهل الغاب بدءاً من العام 2020 بعد انقطاع دام ست سنوات، كما رفعت سعر المحصول للمزارعين إلى 1500 ليرة ليصبح ضعف سعر السنة الماضية تقريباً من دون أن يحقق المرجو منه مع انخفاض قيمة الليرة، وارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة. 

بدورها رفعت الإدارة الذاتية سعر القطن ليبلغ 1950 ليرة، (السعر العالمي 1.4 دولار وارتفع أخيراً إلى 1.65، أي ما يقارب 5000 ليرة سورية). 

في العام 2020 بلغت مساحة الأراضي المزروعة قطناً 32 ألف هكتار، أنتجت نحو 120 ألف طن، لكن المورّد منها إلى المحالج لم يتجاوز 20 ألف طن بسبب جملة من العوامل، أهمها التهريب إلى دول الجوار.

تعترض المزارعين صعوبات عديدة تحيل استمرار عملهم إلى مهمة شبه مستحيلة، فالمحروقات الضرورية للزراعة أصبحت نادرة، ومرتفعة السعر في السوق السوداء إن وجدت، كما أن البذار على قلتها لا تعد بالجودة المطلوبة، بالإضافة إلى شح الأمطار، وقلة مياه نهر الفرات الجوهرية في المناطق الرئيسة لهذه الزراعة. أما أهم العوامل المفقودة فهي اليد العاملة الراغبة في المشاركة، بسبب قلة المردود، وصعوبة المعيشة اعتماداً عليه، فنرى أن المساحة المتاحة لزراعة القطن هذا العام في الحسكة مثلًا كانت 28 ألف هكتار ضمن خطة وزارة الزراعة، لم يزرع منها سوى أقل من 5 ألاف هكتار. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها