× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

قرابين الصحافة في سوريا: جرائم بأيدٍ كثيرة

عقل بارد - على الطاولة 03-11-2021

منذ اندلاع شرارة الحرب في سوريا أدركت جميع الأطراف أن «سلاح الكلمة والصورة» لا يقل «خطورة» عن مختلف أنواع الأسلحة المستخدمة، فكان لا بد من الالتفات إليه، وعمد كل طرف إلى استهداف إعلاميي خصومه، رغم معرفته بأن ذلك ينتهك القانون الدولي، ويعد جريمة حرب يجب أن يعاقب مرتكبوها

الرسم: (Emanuele Del Rosso - كارتون موفمينت)

مع ارتفاع نسبة الجرائم بحق الصحافيين، من قتل وخطف واعتقال، في سوريا وغيرها من البلدان التي شهدت صراعات مماثلة في العقد الأخير أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والستين (العام 2013) قراراً تعلن فيه يوم 2 تشرين الثاني/ نوفمبر «يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين».

وحثت الجمعية في قرارها جميع الدول على اتخاذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب.

أرقام مخيفة

العام الماضي كشفت المديرة العامة لليونيسكو أودري أزولاي، في رسالتها التي وجهتها بهذه المناسبة، عن أرقام مخيفة تستوجب الوقوف عندها مطولاً، لإدراك حجم الخطر الذي بات يتهدد العمل الصحفي، إذ قُتل نحو 900 صحفي أثناء ممارسة عملهم خلال العقد المنصرم، منهم 150 في العامين الأخيرين.

لم تقتصر أسباب قتل الصحافيين على تغطيتهم النزاعات، بل قضى العديد منهم لأسباب تتعلق بكشف قضايا فساد، أو  إتجار غير مشروع، أو بسبب خلافات سياسية مع بعض الأنظمة. 

الانتهاكات الحكومية بالمئات

في تقريرها الصادر نهاية العام الماضي، وصفت منظمة «مراسلون بلا حدود» سوريا بأنها واحدة من أكبر سجون الصحافيين في العالم وذلك للعام الثاني على التوالي،  إذ حلت في المركز 174 من أصل 180 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة.

ورغم تراجع حدة المعارك، وانحصارها في نطاقات ضيقة ومحدودة، وتراجع نفوذ وسيطرة التنظيمات المتشددة، ظلّ عمل الصحافيين في سوريا أشبه بالسير في حقل من الألغام.

ويشير أحدث تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى «مقتل 709 إعلاميين، من بينهم 9 أجانب على يد القوات الحكومية وحدها منذ بداية الصراع، كما أصيب 1571 إعلامياً على الأقل خلال الحرب، فيما اعتقل 1183 إعلامياً، لا يزال مصير 427 منهم  مجهولاً».

لفهم السياق الذي ارتُكبت فيه هذه الانتهاكات خلال النزاع، لا بد من تتبع الخيوط الأولى لها، ولعل قضية مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي أوشليك في 22 فبراير/شباط 2012ـ، في قصف للجيش السوري استهدف مبنى فيه شقة حولها الناشطون إلى مركز إعلامي في بابا عمرو، معقل المعارضة في مدينة حمص، كانت الحادثة التي حظيت بأكبر تغطية إعلامية للضحايا من الصحافيين، خاصة مع تمكن عائلتها من كسب قضية رفعتها ضد الحكومة السورية أمام المحكمة الجزئية الأميركية لمنطقة كولومبيا. وقد أكدت الأدلة المقدمة في القضية أن الأجهزة السورية «اعترضت بث ماري، وأكّدت موقعها من خلال مخبر، قبل شن هجوم صاروخي مميت»، واعتبر القرار أن «اغتيالها كان جزءاً من استراتيجية عسكرية أوسع للقضاء على العاملين في وسائل الإعلام السورية والأجنبية».

وفي نفيها لهذه الاتهامات قالت الحكومة السورية إن مقتل ماري كولفين، كان بعبوة ناسفة زرعها من وصفتهم بـ«الإرهابيين» في مبنى إعلامي غير رسمي، لكن المصور البريطاني بول كونروي الذي كان في مكان الحادث واستطاع الهرب رغم إصابته، قال إن «نيران المدفعية السورية هي التي أصابت المركز الإعلامي».

والمعارضة «لم تقصّر» 

فصائل المعارضة ارتكبت بدورها انتهاكات بحق الصحافيين، إذ أثبتت تحقيقات وزارة الدفاع الفرنسية أن الصحافي الفرنسي جيل جاكييه مراسل قناة فرانس 2 الفرنسية قُتل في 11 يناير/كانون الثاني 2012 إثر سقوط قذيفة في مدينة حمص أثناء زيارته لأحد الأحياء المؤيدة للحكومة، وأشارت الوزارة إلى أن «التحاليل البالستية والمعلومات التي جمعت دلت على أن القذيفة جاءت من حي باب السباع»، الذي كان تحت سيطرة الجيش الحر آنذاك. 

رغم تراجع حدة المعارك، وانحصارها في نطاقات ضيقة ومحدودة، وتراجع نفوذ وسيطرة التنظيمات المتشددة، ظلّ عمل الصحافيين في سوريا أشبه بالسير في حقل من الألغام

ونوهت منظمة «مراسلون بلا حدود» في رسالة وجهتها إلى المعارضة السورية بأن «العديد من الصحافيين الأجانب أبلغوها بتعرضهم لتهديدات بالقتل من مجموعات معارضة»، كما أن «موظفي الإعلام الرسمي السوري صاروا هدفاً للخطف والقتل بوتيرة متصاعدة». ففي 27 حزيران / يونيو 2012 تعرض مبنى قناة «الإخبارية السورية» في دروشة جنوب دمشق، لهجوم بأسلحة ثقيلة لقي فيه سبعة موظفين حتفهم، ومن بينهم صحافيون. وفي آب / أغسطس 2012 قتل رئيس دائرة الأخبار الداخلية في وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) علي عباس في منزله في ريف دمشق، كما تعرض فريق «الإخبارية» المكون من الصحافية يارا صالح، والمصور عبود طبرة، ومساعده حاتم أبو يحيى، والسائق حسام عماد للخطف من قبل معارضين مسلحين في منطقة التل أثناء تغطيتهم للمعارك الدائرة هناك، قبل أن تتمكن وحدات من الجيش من تحريرهم.

وتعرضت السيارة التي كانت تقلّ مازن محمد والمصور فادي يعقوب الصحافيين في قناة «الإخبارية» في الحفة إلى إطلاق نار أصيبا خلاله، كما تبنّت كتيبة هارون الرشيد التابعة للجيش الحر خطف المصور في التلفزيون الرسمي طلال جنبكلي، والصحافي ثابت محسن من موقع سيريا نيوز الإعلامي في آب / أغسطس 2012. وفي الشهر ذاته خطف معارضون مسلحون في مدينة حمص الصحافي أحمد صطوف مراسل قناة العالم الإيرانية، وفي أيار / مايو 2013، قتلت مراسلة قناة الإخبارية يارا عباس في منطقة الضبعة في ريف القصير أثناء تغيطتها الاشتباكات بين الجيش وفصائل مسلحة معارِضة. أما مذيعة قناة «نور الشام» وإذاعة دمشق، بتول مخلص الورار، فقتلت في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، جراء إصابتها بشظايا قذيفة هاون أطلقتها فصائل مُعارِضة من الغوطة باتجاه ضاحية حرستا.

«الرايات السود» حاضرة

التنظيمات المتطرفة التي سيطرت على مناطق عدة في سوريا خلال الصراع، ارتكبت انتهاكات وفظائع بحق عدد من الإعلاميين، ففي آب/ أغسطس2012 تبنت «جبهة النصرة» قتل المذيع في الإخبارية السورية محمد السعيد، بعد نحو شهر من خطفه من منزله في ريف دمشق. وقبيل رحيله إلى فرنسا بأيام، اغتال تنظيم «داعش» يوم 27 كانون الأول / ديسمبر 2015، المعارض السوري ناجي الجرف، الصحافي ورئيس تحرير مجلة حنطة الشهرية، في أحد شوارع مدينة غازي عنتاب، بعد تهديدات عدة تلقاها بسبب تحقيقاته في الفظائع التي ارتكبها التنظيم، وتوثيقها في فيلمه «داعش في حلب»، فضلاً عن مساهمته المستمرة في عمل مجموعة «الرقة تذبح بصمت» التي تبنى التنظيم المتطرف أيضاً مقتل عدد من الناشطين فيها، ومن بينهم إبراهيم عبد القادر، وفارس حمادي في تشرين الأول / أكتوبر 2015، اللذين عثر على جثتيهما بعد قطع رأسيهما في مدينة أورفا جنوب تركيا، والصحافي السوري زاهر الشرقاط في مدينة غازي عنتاب في نيسان / أبريل 2016.

مؤشرات صاعدة في الشمال

مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري شهدت خلال العامين الماضيين تصعيداً في عمليات استهداف الإعلاميين، وفي ظل تقاسم النفوذ بين عدد من الفصائل والتنظيمات فإن تحديد المسؤولية بدقة يبدو صعباً جداً، لكن الثابت أن عمليات الاغتيال والخطف تلك أسهمت في هجرة إعلاميين كثر من تلك المناطق، إذ ذكر «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» أنه وبالتنسيق مع منظمة «مراسلون بلا حدود» ساعد نحو 20 صحافياً وناشطاً في العبور إلى تركيا، إضافة إلى قبول دفعة جديدة من طلبات اللجوء إلى أوروبا. 

وفي تقرير لها ذكرت صحيفة «بوبليكو» الإسبانية عددا من حالات الاستهداف، آخرها محاولة اغتيال بهاء الحلبي مراسل قناة «تلفزيون سوريا» في السادس من كانون الثاني / يناير الماضي، بإطلاق النار عليه من رشاش أثناء عودته إلى منزله في مدينة الباب، وقبله بشهر اغتيل الصحافي السوري حسين خطاب مراسل قناة «تي آر تي» التركية، بإطلاق النار عليه من قبل مجهولين أثناء إعداده تقريراً عن النازحين في مدينة الباب. كما تعرض مراسل قناة «حلب اليوم» مالك أبو عبيدة إلى محاولة قتل حين كان برفقة الصحافي عماد البصيري، وذلك بزرع عبوة ناسفة في سيارته.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها