× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

ريف حلب: مدن صناعية.. واستثمارات «واعدة»؟

عقل بارد - على الطاولة 16-12-2021

لسنوات طويلة شكل غياب النشاطات الصناعية والاستثمارية عن ريف حلب الشمالي الكثير من التحديات والمعوقات، ففيما نشط «التبادل التجاري» ظلّ كل ما هو صناعي قاصراً. تغير الحال في العامين الأخيرين بتشجيع تركي في الدرجة الأولى، وسنحاول في هذا التقرير تقديم صورة واضحة عن الصناعة المحلية التي بدأت تنشط في ريف حلب

الصور: (صوت سوري)

على مدى السنوات الماضية تركز نشاط التجار والصناعيين في مناطق معينة، أبرزها مدينتا الباب (ريف حلب الشرقي) لقربها من المعابر مع منطقة منبج الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأعزاز (ريف حلب الشمالي) لقربها من معبر باب السلامة على الحدود التركية، وكذلك بعض المعابر مع عفرين وإدلب.

الباب.. بداية التنظيم الصناعي

في شباط 2018 أعلن المجلس المحلي لمدينة الباب عن وضع حجر الأساس لمشروع المدينة الصناعية الأولى في ريفي حلب الشمالي والشرقي، سعياً إلى استقطاب رؤوس الأموال، ووقفت وراء الخطوة جهود تركية واضحة. 

انطلقت أعمال المدينة الصناعية في مدينة الباب بعد نحو عام، وبالفعل استقطبت عشرات التجار والصناعيين المحليين من دون عوائق تذكر، لكن الاستثمار اقتصر على عدد محدود لهواجس أمنية ظلت تشغل بال المستثمرين لجهة المحافظة على ممتلكاتهم ومصانعهم.

يقول نائب مدير غرفة التجارة والصناعة في مدينة الباب وسيم حسكير، خلال حديثه لـ«صوت سوري» إن «النشاط الصناعي في مدينة الباب توسع بشكل أكبر من السابق، وأُنشئت مصانع ومعامل على أطراف المدينة، ما دفعنا إلى إنشاء المدينة الصناعية بمساحة تفوق 50 هكتاراً، بالتعاون مع المجلس المحلي».

ويضيف: «نشطت العديد من الصناعات في المدينة الصناعية، وعملنا في غرفة التجارة والمجلس المحلي على ترخيص أعمال المنشآت الجديدة، ومن أبرزها: دباغة الجلود، والصناعات الكيماوية، والصناعات الهندسية، والصناعات البلاستيكية، والصناعات الحرفية، والصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، والصناعات النسيجية».

وتتفرع عن المجالات المذكورة العديد من الحرف والصناعات، فدباغة الجلود تقسم إلى صناعة الأحذية، والألبسة الجلدية، والصناعات الكيماوية تتضمن صناعة الأدوية، وطلاء الجدران، والزيوت وغيرها، والبلاستيكية صناعة الاأواني البلاستيكية، وصناعة الأكياس.

أما الحرفية فمتنوعة، من بينها النجارة والحدادة والخياطة. والصناعات الغذائية تشمل الأطعمة كمعامل صناعة البطاطا، والمشروبات الطبيعية، أما الصناعات النسيجية فمن ضمنها نسج الحصر والسجاد والألبسة وغيرها.

يتجاوز عدد المنشآت الصناعية في الباب 120 معملاً، ومصنعاً، وورشة، تستورد معظم المواد الأولية من تركيا، وفي أحيان قليلة تصل بعض المواد الأولية من مناطق الإدارة الذاتية، ومناطق سيطرة دمشق

يوضح حسكير أن «معظم المنتجات تُصرّف في السوق المحلية، مع ضرورة تصريفها بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الناس، ومراعاة المواصفات الإنتاجية، ونسعى لتصديرها إلى تركيا أو إلى أي منطقة مجاورة، سواء مناطق الإدارة الذاتية، أو مناطق النظام، مع مراعاة للقوانين المحلية التي تفرضها الجهات الرسمية التي تدير المنطقة متمثلة بالمجلس المحلي». 

ويتجاوز عدد المنشآت الصناعية في الباب 120 معملاً، ومصنعاً، وورشة، تستورد معظم المواد الأولية من تركيا، وفي أحيان قليلة تصل بعض المواد الأولية من مناطق الإدارة الذاتية، ومناطق سيطرة دمشق.

..وحركة في أعزاز

ظلت مدينة أعزاز لسنوات طويلة الحاضنة الوحيدة المتاحة للنشاط الصناعي في ريف حلب أثناء سيطرة تنظيم «داعش» المتطرف على كامل ريف حلب الشرقي.

استقطبت المدينة عشرات الصناعيين والتجار، لأسباب أمنية، وأخرى تجارية وصناعية على رأسها سهولة الحصول على المواد الأولية وإمكانية التصريف إلى المناطق الأخرى بمختلف الجهات المسيطرة.

وبرغم تنوع المعامل والمصانع المحلية في مدينة أعزاز فإنها تبدو مبعثرة نوعاً ما، لأنها لم تُنظّم في موقع واحد. ويسعى المجلس المحلي عبر غرفة التجارة والصناعة في المدينة إلى بناء المدينة الصناعية في أعزاز، خدمةً لهذا الهدف. 

يقول مدير المكتب التجاري في مدينة اعزاز محمد دربالة، لـ«صوت سوري» إن «النشاط التجاري في مدينة أعزاز ليس جديداً، وإنما يحتاج إلى دعم وتنشيط ليكون عملاً مُمأسساً. وقد بدأنا بإنشاء المدينة الصناعية لهذه الغاية». 

ويضيف: «ستستوعب المدينة الصناعية مختلف الصناعات والمعامل، وتم الاكتتاب على أغلب المحاضر المعروضة، لذلك من المتوقع نجاحها لا سيما مع التسهيلات المقدمة في الحصول على المواد الأولية، وإمكانية التصريف الإنتاجي نحو تركيا».

حالياً تندرج أغلب الصناعات النشطة في أعزاز ضمن المستوى الصناعي الخدمي الذي يوفر احتياجات السوق المحلية، لكن بعد الآن كما يرى دربالة: «سيكون العمل مختلفاً تماماً، نسعى إلى التطوير الصناعي من خلال استقطاب مستشارين صناعيين وتجاريين سوريين من تركيا لتحسين الإنتاج المحلي».

ويوضح قائلاً: «في مدينة أعزاز أكثر من 200 معمل ومصنع، تنشط في الصناعات البلاستيكية، وصناعة البطاريات الكهربائية، وصناعة الأدوية، والصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، وصناعة الليف والسيف، والنسيج، وصناعة الأحذية، إلى جانب العديد من الورش الصناعية الضخمة التي تعمل على استيراد القطع وتجميعها من سيارات وغيرها».

نشاط صاعد.. وتشجيع تركي

تزايد التشجيع على الاستثمار والنشاط الصناعي والتجاري في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع الجهود التركية الحثيثة لدفع التجار السوريين من أصحاب رؤوس الأموال المقيمين في الشمال السوري على الاستثمار، إضافة إلى تشجيع نظرائهم المقيمين في تركيا.

في مدينة الراعي يستعد المجلس المحلي لافتتاح المدينة الصناعية التي تختص معظم مصانعها بصناعة الأحذية ودباغة الجلود والنسيج.
وقدمت تركيا تسهيلات عديدة للحصول على المواد الأولية من أراضيها، إضافة إلى إمكانية تصدير البضائع والمنتجات إليها عبر معبر الراعي.

في أعزاز أكثر من 200 معمل ومصنع، تنشط في الصناعات البلاستيكية، وصناعة البطاريات، والأدوية، والصناعات الغذائية، والتحويلية، وصناعة الليف والسيف، والنسيج، والأحذية، إلى جانب العديد من الورش الضخمة التي تعمل على استيراد القطع وتجميعها

وفي سعي مماثل في مدينة مارع انطلق العمل على إنشاء المدينة الصناعية التي ستركز على صناعة النسيج، والصناعات الحرفية، وصناعة السيف والليف، ومنح المجلس المحلي بالتعاون مع غرفة التجارة في ولاية كليس التركية، امتيازات جديدة للتجار، تساعدهم في مزاولة أعمالهم التجارية والصناعية بشكل أفضل.

يقول حسن محمود حافظ، رئيس غرفة تجارة مدينة مارع لـ «صوت سوري» إن «المدينة الصناعية ستقدم فرص العمل لمئات العمال في حال تم استثمارها بشكل جيد، وهذا ما نسعى إليه في غرفة التجارة».

ويضيف: «معظم المحاضر المخصصة لإنشاء المدينة الصناعية تم استثمارها من قبل تجار وصناعيين من مختلف المحافظات والمدن السورية، من إدلب، وسرمدا، وحلب، ودمشق، وحمص، وغيرها».

من أين جاء الصناعيون؟

في بادئ الأمر يجب أن نوضح أن شمالي حلب بعمومه لم يكن فيه نشاط صناعي بمعنى الكلمة، والنشاط الذي كان يمارسه بعض أبناء المنطقة كان يقتصر على العمل في المناطق الصناعية في حلب مثل الشقيّف، والشيخ نجار، والكلاسة، والراموسة. تلك المناطق استعادتها حكومة دمشق من المعارضة قبل نحو خمس سنوات.

مع التغيرات المتواصلة التي حدثت خلال العقد المنصرم، تبدلت الكثير من معالم النشاطات الصناعية والتجارية، خاصة مع اقتصار مجال التصريف المحتمل على منطقة الإنتاج في كثير من الأحيان، معنى أن عمل المصنع لمدة أسبوع واحد في الشهر مثلاً يغطي احتياج المنطقة، وفي حال عمل أكثر فإن أصحابه سيعانون في تصريف الإنتاج.

يخشى بعض التجار حصول أي إغلاق مفاجئ للمعابر مع تركيا، وتعقيدات تصريف الإنتاج في حال ساءت الأوضاع الأمنية، تضاف إلى ذلك تحديات العمل في منطقة تكثر فيها عصابات «التشليح» والابتزاز

في الوقت الراهن، معظم التجار والصناعيين العاملين في ريف حلب الشمالي كانوا قد هجروا أعمالهم في مناطق سيطرة دمشق خلال فترات سابقة، وخاصةً من مدينة حلب، منهم من استطاع نقل مصنعه خلال السنوات الأولى للحرب، ومنهم من ترك آلاته في مكان آمن حتى يستطيع العودة لممارسة عمله، ومنهم من نقلها إلى إدلب، لكن مع التصعيد هناك اتجه إلى ريف حلب مرة أخرى.

مع التشجيع على الاستثمار ونمو الحركة الصناعية والتجارية، نشط هؤلاء عندما وجدوا إمكانية لتصريف الإنتاج والحصول على المواد الأولية.

كذلك؛ توجد فئة معينة من التجار والصناعيين تضم «شخصيات واجهة» محدودة الصلاحيات، تعمل باسمها لكن تحت سقف تجار وأمراء حرب، بينهم قادة ومسؤولون من الفصائل العسكرية، وتجّار معابر، وسماسرة، بحسب ما أكدت العديد من المصادر التي تحدث إليها «صوت سوري».

سلبيات وإيجابيات 

تعتبر مناطق ريف حلب الشمالي أشبه بمنطقة حرة، يمكن أن تدخلها مختلف المواد الأولية بأسعار أقل من المناطق الاخرى، بمعنى أنها لا تخضع لجمركة ولا تخضع لأي قانون ضريبي، ما يعني الحصول على المواد الأولية بأسعار رخيصة.

يضاف إلى ذلك انخفاض أجور اليد لعاملة، فالعامل الذي يعمل في تركيا 12 ساعة يومياً يحصل في نهاية الشهر على 2000 ليرة تركية، أما هنا في ريف حلب الشمالي فلا يتعدى أجر العامل 900 ليرة تركية.

ومن «إيجابيات» الاستثمار عدم وجود قانون ضريبي، أي أن أصحاب الأعمال ليسوا ملزمين بدفع ضرائب، باستثناء ما قد يدفعه أحدهم لتوفير حماية من قبل أحد وجوه الفصائل العسكرية.

أما السلبيات فهي تتمحور حول الأوضاع الأمنية غير المضمونة، فمن المخيف لأي مستثمر غياب الاستقرار الأمني عن المنطقة، لا سيما أنها لا تزال مجهولة المصير، أي أنها قد تتحول فجأة إلى ميدان لتنفيذ اتفاقية أو صفقة ما، تغير الأوضاع فيها جذريّاً.

كما يخشى بعض التجار حصول أي إغلاق مفاجئ للمعابر مع تركيا، وتعقيدات تصريف الإنتاج في حال ساءت الأوضاع الأمنية، تضاف إلى ذلك تحديات العمل في منطقة تكثر فيها عصابات «التشليح» والابتزاز.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها