× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

من يوميّات المهجرين في الشمال: «بروحي تلك الأرض..»

حكاياتنا - خبز 13-01-2022

يعيش كثير من السوريين والسوريات في الشمال السوري ظروفاً متشابهة، لا سيما من جاء نازحاً ومُهجّراً. أسرٌ من معظم المناطق السورية، يتحسر أربابها على ما تركوه خلفهم، وتهيمن عليهم فكرة أنهم ربما حُرموا من العودة إلى الأبد، وخسروا المعنوي من عادات اجتماعية وتفاصيل دقيقة كانوا يستمتعون بها، وكل شيء مادي ليسكنوا في خيم وبيوت قد لا يملكون ثمن إيجارها!

الصورة: (مهجر من ريف حماة، يقيم في مخيم عشوائي قرب مدينة أخترين - صوت سوري)

«لم أتوقع مغادرتها، والابتعاد كل هذه المدة عنها. ما زلت أتذكر الجدران والأزقة والشوارع التي رعتني، مدينتي التي عشت فيها طفولتي وشبابي لكنني لن أستطيع عيش ما تبقى من حياتي فيها، باتت بيني وبينها حدود وحواجز». 

بهذه الكلمات يصف المعلم محمد حلاق (45) عاماً شدة شوقه إلى مدينته حلب، التي غادرها قبل خمس سنوات رغماً عنه.

يقول حلّاق لـ «صوت سوري» متحسراً: «نحن خسرنا كل شيء. منذ خمسة أعوام وأنا بعيد عن حلب أكابد قسوة الحياة، أتمنى أن أستطيع العودة، فأنا أملك فيها منزلاً تعبت كثيراً حتى استطعت تجهيزه».

ويضيف: «الإنسان يتوق إلى الماضي، والماضي هنا ليس مقتصراً على ذكريات عابرة، وإنما هي تفاصيل كبيرة أستمد منها حيويتي ونشاطي، لم أكن أتخيل يوماً أن أبتعد عن حلب»

«أباريق الشاي في مجالس المعرة»

عمار برقومي شاب في العقد الثالث من عمره، يعمل في مركز صناعي لإصلاح القطع الخاصة بآلات معامل النسيج والبلاستيك المحلية. ترك مدينته معرة النعمان قبل عامين واتجه إلى ريف حلب الشمالي ناقلاً معه معداته.

«أحدث نفسي في كل يوم: ماذا حل بداري وأرزاقي هناك في مورك؟ هل هي موجودة؟ أم أنها هُدمت وأصبحت من الماضي؟ أم أنها بيعت ونُهب ما فيها؟ تساؤلات عديدة ترافقني دائماً»

يصف الرجل حنينه إلى مدينته التي يعتبرها أفضل المدن. يقول: «أشتاق إلى الشارع الذي كنت أعمل فيه، وإلى رصيف منزلي الذي كنت أجلس عليه يوم عطلتي، وإلى إبريق الشاي الذي كان يحضر في كل مجلس، تفاصيل عديدة تؤرقني ولا أجد إليها سبيلاً سوى الذكريات».

ويضيف: «يزداد حنيني كلما زادت مدة ابتعادي عن المعرة. أحلم بجلسات كبار السن من النسوة: أمي، وعماتي، وجاراتهن، وأحاديثهن الجميلة. أشتاق إلى الجلسات التي كانت تجمعنا بالأصدقاء والأقارب. فقدنا كل ذلك منذ لحظة تهجيرنا».

يخشى عمار أن تكون العودة مستحيلة، يحاول تهدئة مخاوفه بالقول: «ستفرج إن شاء الله، وسنعود إن كان لنا فيها قسمة».

«الوداع الأخير»؟

بانكسار ولوعة يتحدث سلطان الدوماني عن مدينته التي تركها منذ سنوات، وغادر مع أسرته إلى الشمال.

«أشتاق إلى الشارع الذي كنت أعمل فيه، وإلى رصيف منزلي الذي كنت أجلس عليه يوم عطلتي، وإلى إبريق الشاي الذي كان يحضر في كل مجلس، تفاصيل عديدة تؤرقني ولا أجد إليها سبيلاً سوى الذكريات»

يقول سلطان: «لم أتخيل آنذاك أنني سأمضي كل هذه الأعوام بعيداً، وأن العودة ستزداد استحالة يوماً بعد يوم، ولم يخطر في بالي يوم غادرت أنني أودع أصدقائي ومنزلي للمرة الأخيرة، هي أشهر قليلة وسأعود، هذا ما كنت أحاول إقناع نفسي به».

ويضيف: «مضت أكثر من ثلاث سنوات وأنا أقيم في خيمة قرب مدينة عفرين، لم أكن أتخيل أن أعيش ظروفاً كهذه لا أستطيع أن أغير فيها أي شيء، وليس لدي سوى انتظار القدر الذي سيسعفني يوماً ما».

«كرم الفستق في مورك»

يحاول أحمد العبد الله، من مدينة مورك في ريف حماة الشمالي، أن يتجاهل الهواجس والمخاوف التي تزداد حدتها كلما مر يوم وهو بعيد عن مدينته.

يقول: «أحدث نفسي في كل يوم: ماذا حل بداري وأرزاقي هناك في مورك؟ هل هي موجودة؟ أم أنها هُدمت وأصبحت من الماضي؟ أم أنها بيعت ونُهب ما فيها؟ تساؤلات عديدة ترافقني دائماً».

ترك العبد الله منزله في مورك قبل أربع سنوات عندما عادت مدينته إلى سيطرة دمشق، وتنقّل هرباً من القصف من بلدة إلى أخرى، حتى وصل إلى ريف حلب الشمالي.

يقول: «لدي أملاك في مورك: منزلي الكبير الذي يختلف كثيراً عن هذا المنزل، أكل من لحم أكتافي حتى اكتمل بناؤه، وكرم الفستق الحلبي الذي كنت أربيه كابن لي سيحفظ شيبتي، لكن يبدو أنه أصبح يتيماً».


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها