× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

العنف الأسري في سوريا: «ثقافة متجذرة» وسط قصور التشريعات

حكاياتنا - خبز 06-02-2022

مع بداية العام الحالي وبعد مقتل الضحية آيات الرفاعي على يد زوجها ووالديه في دمشق، أطلقت وزارة الإعلام بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة حملة «لا تسكتي» لمناهضة العنف ضد النساء والتوعية بمخاطره، وخاصة الأسري منه. لكن الحملة تبدو مجرد إجراء «إعلامي» قاصر، وغير فعّال في ظل غياب تشريعات وقوانين مضمونة التنفيذ.

لا يمكن عدّ العنف الأسري في سوريا ظاهرة مستجدةً، أو وليدة أزمة عابرة. ومع التسليم بآثار سنوات الحرب وما رافقها من عنف وتدهورٍ اقتصادي، غير أن «ثقافة» العنف الأسري حاضرة في الأصل، وإن كانت سابقاً أسيرة منازل ضحاياها، قبل أن تتحول بعض الحالات أخيراً إلى «قضية رأي عام» تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي، في حال وجدت طريقها إلى التداول.

وغالباً ما يقتصر الوصول على العنف الذي تنجم عنه جرائم قتل، سواء كانت جرائم بذريعة «الشرف»، أو من جرّاء «عنف أسري تقليدي» كما حصل في قضية الضحية آية الرفاعي.

في العام 2020 وثّق ناشطون 19 «جريمة شرف» مُعلنة ارتكبت في سوريا، بمعدّل تقريبي بلغ 1.75 جريمة شهريّاً، تُضاف إليها ست «جرائم شرف» ارتكبها سوريون في الخارج بمعدل جريمة كل شهرين تقريباً، ليقارب المعدل الإجمالي (بين الداخل والخارج) 2.75 جريمة شهريّاً.

فيما يخلُص تقرير لمنظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» يُغطي الفترة الممتدة بين كانون الثاني/يناير 2020 وشباط/فبراير 2021 إلى أن «16 امرأة قتلت على أيدي أقرباء لهن بحجة الشرف، بينما قُتلت 6 نساء أخريات لأسباب لم يكشف عنها، كما وُثقت حالات مُورس عليها العنف المنزلي فيها ضدّ نساء أخريات».

عُنف مستمر

هناك الكثير من القصص التي لم تعبر بعد إلى وسائل التواصل الاجتماعي ولا تزال حبيسة جدران منازل ضحاياها.

سوسن (38عاماً) طردها زوجها من البيت ليلاً قبل أيام، بينما كانت دمشق تعيش 1روة البرد مع انهمار الثلوج «بعد ما موتني من القتل». وفقاً لتعبيرها. 

تقول سوسن لــ «صوت سوري»: «نمت ليلتها عند جارتي، حياتي كلها مشكلات. تزوجت في عمر صغير، ولديّ أربعة أولاد، وأهلي يرفضون فكرة طلاقي بالمطلق رغم معرفتهم بما يجري معي». 

وتضيف، «ليس لدي عمل ولا شهادات، وزوجي يضربني دائماً وأنا لا حول ولا قوة لي»، وتنهي حديثها بجملة «أولادي أهم مني ومن حياتي». 

تشرح نور أنَّ وحدة حماية الأسرة التي تحدثت عنها حملة «لا تسكتي» قديمة أُحدثت في العام 2017 وليست جديدة كما يُروج، وتتساءل: «هل تستطيع هذه الوحدة تخفيف العنف أو الحد منه؟ وماذا قدمت منذ إنشائها حتى اليوم؟»

تختلف معاناة ريم عن سواها. للسيدة الثلاثينية طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ويعاني زوجها اضطرابات نفسية لم تكن تعلم بها حين تزوجته.

تشرح لــ «صوت سوري» قائلة: «بعد زواجي بأشهر علمت أن زوجي يتناول أدوية تُستخدم للعلاجات النفسية، وتنتابه حالات من الصرع يفقد فيها صوابه، ويتصرف كالمجنون». 

تؤكد السيدة أنها لولا العناية الإلهية لكانت فقدت ابنها على يد والده، إذ تعرض زوجها لحالة صرع في إحدى الليالي، وبدأ بالصراخ، وبضربها، ثم توجه إلى سرير ابنه، ووضع يده على فمه محاولاً خنقه لأنه يبكي ليلاً. ورغم محاولاتها المتكررة لإقناع زوجها بالخضوع للعلاج بشكل منتظم، فقد عجزت عن ذلك.، وفق تأكيداتها.

اتصلت ريم بوحدة حماية الأسرة في محافظتها، وشرحت معاناتها، لكنها لم تستفد شيئاً إذ اقتصر الجواب على نصيحة بضرورة عرضه على طبيب نفسي لمتابعة حالته، ندمت لاحقاً على اتصالها، إذ ازدادت علاقتهما سوءاً بعد معرفته، وصار عدائياً أكثر من السابق.
«لا تسكتي»

مع بداية العام الحالي وبعد مقتل الضحية آيات الرفاعي على يد زوجها ووالديه في دمشق، أطلقت وزارة الإعلام بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة حملة «لا تسكتي» لمناهضة العنف ضد النساء والتوعية بمخاطره، وخاصة الأسري منه. 

تقول نور الهدى - وهي ناشطة نسوية - لــ «صوت سوري» إن «حملة لا تسكتي قاصرة وغير قادرة على منع العنف الأسري، في ظل عدم وجود رادع قانوني يحمي النساء من التوحش المتصاعد اليوم، والمتمثل في انتشار العنف والقتل بحق النساء بشكل كبير، وفي مختلف البيئات السورية». 

وتضيف مؤكدة: «لولا الضغط المجتمعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي لبقيت قصة آيات الرفاعي طي الكتمان، وسُجلت كما كان يراد لها أن تُسجل (حادثة عرضية)».

«القانون في سوريا لا يتدخل إلا بعد تعرض الضحية لعنف يؤدي إلى عاهة، أو إلى الموت، وسط مطالب بتشريع قوانين تجرم فعل التعنيف الأسري في حد ذاته»

ترى نور الهدى أنَّ «ما سُرب بعد مقتل آيات عن وجود مسودة قانون يجري إعدادها من قبل حكومة دمشق تحدد أنواع العنف الأسري بعنف جسدي ونفسي واقتصادي وجنسي أمرٌ جيد، وخطوة إيجابية رغم تأخرها».  

تشرح الناشطة أنَّ وحدة حماية الأسرة التي تحدثت عنها حملة «لا تسكتي» قديمة أُحدثت في العام 2017 وليست جديدة كما يُروج، وتتساءل: «هل تستطيع هذه الوحدة تخفيف العنف أو الحد منه؟ وماذا قدمت منذ إنشائها حتى اليوم؟ لقد ولدت ميتة». 

لا قانون 

يشرح تحسين - وهو محامٍ مقيم في دمشق - أنَّ «قانون العقوبات العام في سوريا لا يتضمن نصوصاً قانونية تخص مسألة العنف الأسري، ولا توجد تشريعات من شأنها تجريم هذا الفعل».

ويؤكد في حديث مع «صوت سوري» أن «القانون في سوريا لا يتدخل إلا بعد تعرض الضحية لعنف يؤدي إلى عاهة، أو إلى الموت، وسط مطالب بتشريع قوانين تجرم فعل التعنيف الأسري بحد ذاته». 

ويقول: «هناك خلل في منظومة التشريعات القانونية، تحديداً ما يخص النساء اللواتي ما زلنا يقتلن بحجة الشرف، وتبقى قضية المرأة والدفاع عنها موضوعاً مرتبطاً بالعادات، والتقاليد، والأعراف، السائدة لدى نسبة كبيرة من الأسر التي لا تحترم حقوق المرأة». 

صورة المقال: (حملة Stop violence against woman / فليكر)


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها