× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

مخاوف من برنامج «العودة الطوعية» التركي: «سيجعل التهجير أبدياً»

حكاياتنا - خبز 24-05-2022

يثير برنامج «العودة الطوعية» الذي أعلنت عنه الحكومة التركية مخاوف أبناء الشمال النازحين والمهجرين إلى مناطق سورية أخرى من احتمال حرمانهم من العودة إلى مناطقهم، خاصة إذا ما بُنيت بدلاً من بيوتهم واراضيهم وحدات سكنية لإسكان اللاجئين المُعادين

الصور: (مخيم تل السمن المخصص لأسر مهجرة من تل أبيض - صوت سوري)

لم تكن سارة درويش (44 عاماً) لتتخيل ذات يوم أن كل ما سيتبقى لها من منزلها في مدينة تل أبيض (ريف الرقة الشمالي) بضع صور لها ولأفراد عائلتها التُقطت على مر الأيام في فناء المنزل، حين كانت الأسرة تعيش فيه قبل أن تنزح نحو الرقة مع دخول الجيش التركي وفصائل سورية معارضة إلى تل أبيض، أواخر العام 2019، في إطار العملية التي سُميت «نبع السلام».

توضح السيدة أنها اضطرت وأسرتها إلى النزوح بسبب المخاوف التي تعاظمت في المنطقة من احتمالات وقوع انتهاكات من قبل الأطراف المتصارعة على المدينة.

شأنها شأن كل المهجرين والنازحين، كانت سارة تظن أنها عائدة إلى منزلها مهما طال الزمن، لكنها قبل أيام تلقّت أنباء عن تجريفه مع منازل أخرى عديدة في الحي الذي كانت تسكنه. الرابط المشترك بين المنازل المجرّفة أنها خالية من سكانها النازحين، أما الهدف فهو «بناء وحدات سكنية بدلاً منها تُخصص لإسكان لاجئين سوريين تعتزم تركيا إعادتهم ضمن برنامج العودة الطوعية»، وفق ما تشرح.

«تخيل أن تعود إلى منزلك بعد سنوات فتجد شخصاً غريباً قد سكنه، وأنت لا تملك القدرة مطلقاً على إخراجه. ما الذي ستفعله؟ لا شيء! لم تعد هناك جدوى من عودتنا إلى تل أبيض»، تقول وهي بالكاد تستطيع إخفاء دموعها.

وعلى غرار كثير من الأعمال العسكرية في مختلف الجغرافيات السورية، تسببت العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري بتهجير عشرات الآلاف من سكان تلك المناطق التي سيطرت عليها تركيا وفصائل المعارضة السورية بعد عمليتي «نبع السلام» العام 2019 و«غصن الزيتون» العام 2018 العسكريتين.

ويثير برنامج «العودة الطوعية» الذي أعلنت عنه الحكومة التركية مخاوف أبناء الشمال النازحين والمهجرين إلى مناطق سورية أخرى من احتمال حرمانهم من العودة إلى مناطقهم، خاصة إذا ما بُنيت بدلاً من بيوتهم وأراضيهم وحدات سكنية لإسكان اللاجئين المُعادين.

وفي مطلع أيار الحالي كشفت وسائل إعلام تركية عن مشروع يمتد على ثماني مراحل لإعادة توطين مليون لاجئ سوري في 13 منطقة تقع في الشمال السوري وتخضع للنفوذ التركي.

«ليس من المعقول أن تذهب أملاك وعقارات إلى أشخاص آخرين بينما أصحابها يسكنون الخيام»

يعتقد جلال برّو (35 عاماً) وهو نازح من مدينة عفرين أن «البرنامج الذي يتحدث عنه المسؤولون الأتراك يهدد التعايش الذي كان سائداً بين السوريين من مختلف الأعراق والطوائف في المنطقة قبل الحرب».

واعتبر الشاب أن تطبيق البرنامج الموعود سيعني أن «خطر الاقتتال الأهلي سيبقى قائماً بشكل دائم، وأن الاندماج بين المكونات المجتمعية سيكون صعباً على اعتبار أن اللاجئين الذي سيسكنون المنطقة سيأخذون ممتلكات وأراضي لسكان هُجروا منها بسبب الحرب».

يعيش جلال اليوم برفقة عائلته في مدينة الرقة بعد أن اضطر إلى ترك مدينته خوفاً من اعتقاله من قبل فصائل المعارضة أو الجيش التركي، لا سيما أنه كان يعمل في المجلس المحلي التابع للإدارة الذاتية في منطقة عفرين.

فيما ترى سيدرا العمر (35 عاماً) وهي ناشطة حقوقية من مدينة الرقة، أن «التهجير القسري والإعادة القسرية من بلد اللجوء وجهان لعملة واحدة، وإجراءان يدفع ثمنهما مئات الآلاف من السوريين الأبرياء».

وتضيف: «البرنامج الذي أعلنت عنه الحكومة التركية يتوافق مع سياسة التغيير الديمغرافي التي تبنتها السلطة في دمشق وأدت إلى تهجير مئات الآلاف من سكان محيط العاصمة دمشق وضياع ملكياتهم، وحلول آخرين محلهم بطرق مختلفة».

تعتبر الناشطة الحقوقية أنه «من الأولى إعادة اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية» لأن المناطق التي يُخطط لإسكانهم فيها «لها أهلٌ ينتظرون لحظة العودة إليها، وليس من المعقول أن تذهب إلى أشخاص آخرين بينما هم يسكنون في الخيام».

كانت سارة تظن أنها عائدة إلى منزلها في تل أبيض مهما طال الزمن، لكنها تلقت قبل أيام أنباء عن تجريفه مع منازل أخرى عديدة 

بدوره يؤكد حسن عبد الله، وهو محامٍ من مدينة الرقة، أن «المهجرين من المناطق المستهدفة بإعادة التوطين فيها هم ضحايا الحرب ذاتها التي هجرت ملايين السوريين نحو تركيا التي تتحدث اليوم عن إعادة توطينهم».

ويضيف: «البرنامج التركي يعقد الملف السوري، ويزيد من تشعباته، إلى جانب ضياع أحقية الملكية في أراضٍ وعقارات لآلاف السوريين الذين سيفقدون ممتلكات استُخدمت وتُستخدم لبناء وحدات سكنية سيُسكن فيها اللاجئون المعادون من تركيا».

يعتقد الحقوقي أن خطاب الكراهية المتزايد ضد اللاجئين السوريين في تركيا ليس عفوياً، بل هو «تحضير للإعادة التي أعلن عنها أخيراً»، ويرى أن الساسة الأتراك بمختلف توجهاتهم استخدموا قضية اللاجئين منذ بدايات الحرب السورية ورقة في الكثير من القضايا والملفات، من انتخابات وغيرها.

إضافة إلى ذلك، يرى عبد الله أن «إعادة التوطين التي تحاول تركيا تنفيذها في الشمال السوري تخدم السلطة في دمشق بشكل كبير، إذ يساهم هذا التوطين في انقطاع الأمل من عودة مهجري المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق إلى مناطقهم الأصلية، تلك المناطق التي تتحول تدريجياً مئات العقارات فيها إلى أملاك إيرانية».