الصورة: (mustafa sultan - فليكر)
يعاني قطاع المواصلات في ريف حلب الشمالي، مثل مختلف القطاعات التي تضررت من الحرب على مر السنوات في سوريا. التحديات والعوائق كبيرة في هذا المجال، وبرغم بعض المساعي لتخديم هذا القطاع من المجالس المحلية، فالحالة بالغة السوء.
يستخدم السكان السيارات العامة المأجورة، والسيارات الخاصة، كما يكثر استخدام الدراجات النارية باعتبارها أكثر توفيراً، وتتماشى مع الوضع الاقتصادي في الريف الحلبي.
لا كراجات!
الشتاء هو «الموسم» الأشد تعقيداً للقطاع الخدمي بالعموم، ولقطاع النقل بطبيعة الحال، في ظل سوء الطرق، وافتقار المدن الرئيسية (مثل الباب وعفرين واعزاز ومارع) إلى مواقف وسائل النقل.
لا وجود لمنظومة نقل عامة (بمعنى العبارة) تتولى نقل السكان بين مناطق ريف حلب الشمالي، ما يفرز أزمات متتالية، وحالة استياء لدى السكان.
يعمل محمد عرفات (27 عاماً) في أحد متاجر اعزاز، ويقيم في مدينة مارع. يؤكد الشاب لـ«صوت سوري» أنه يجد صعوبة بالغة في إيجاد واسطة نقل عمومية، ويقول: «معظم وسائل النقل مملوكة لأشخاص. من المعتاد أن تتفق كل مجموعة من الأفراد مع سائق ما، على نقلهم إلى المدن المجاورة، أي أنك لن تركب إلا بإرادة تلك المجموعة».
ويضيف: «تأخرت عن عملي مرات عديدة بسبب عدم توافر النقل، وعدم قدرتي على تحمل أجرة طلب خاص إلى اعزاز تزيد عن 100 ليرة تركية، هذا المبلغ كبير بالنسبة إلى معظم الناس».
يوضح الشاب قائلاً: «في مناطق ريف حلب الشمالي لا توجد كراجات مخصصة، هناك مواقف معينة على مخارج المدن فحسب، وعليك الوقوف وانتظار الفرج، وقد تفقد عملك ما لم تكن متفقاً سلفاً مع سيارة تقلّك».
طرق متهالكة
عيسى بيضون (40 عاماً) سائق ينقل الركاب بين مختلف مناطق ريف حلب، بحسب الطلب.
يقول: «عمليات نقل الركاب فرادى مكلفة جداً، خاصة أن الطرقات سيئة، والمجالس المحلية غير قادرة على تأهيلها، إضافة إلى الضغط الناجم عن الازدحام والكثافة السكانية المرتفعة».
ويضيف: «تردي شبكة الطرقات ينعكس سلباً على عمليات التصليح الدورية للمركبة، فتزيد كلفة التصليح، وتتعب عجلات السيارات ويتوجب تبديلها بشكل دوري، وأسعار العجلات ترتفع باستمرار، مثل جميع القطع وأجور التصليح. أيضاً، انتظار امتلاء المركبة قد يكلف الكثير من الوقت أحياناً، لذلك أعتمد على الطلبيات لأنها أكثر جدوى، ونأخذ أجرها بشكل مقطوع».
تدني خدمات قطاع الطرق والمواصلات في ريف حلب يسبب كثيراً من الحوادث، وتفيد الإحصاءات بوقوع أكثر من 1000 حادث خلال العام 2020، أي بمعدل يقارب ثلاث حوادث يوميّاً
يوضح بيضون أن «أجرة نقل الراكب الواحد بين 10 و20 ليرة تركية لمسافة 25 كيلوا متراً، ويرتفع السعر بحسب المسافة، أما أجرة الطلب الخاص فبين 300 و400 ليرة تركية لمسافة تراوح بين 30 و40 كيلومتراً».
أغلى من العلاج!
ترتبط كثير من الأمور بالوضع المعيشي للسكان، ويشكل ارتفاع أجور النقل بين المدن والبلدات عائقاً يسهم في الحد من نشاطهم وتنقلاتهم. فيما يلجأ البعض إلى وسائل توفيرية، مثلما يفعل محمود وهو أحد أبناء مدينة صوران. حين يحتاج الرجل الذهاب خارج صوران، يفتش عن أحد أبناء المدينة من أصحاب السيارات قد يصادف أن لديه مشواراً في الاتجاه نفسه، أو ينتظر سيارة عابرة قد توصله إلى وجهته مجاناً.
يقول الرجل: «تعرضت خلال الشتاء لموقف سيئ اضطرني إلى صرف مبلغ يقارب 300 ليرة تركية كنت استدنتها من صديقي بسبب مرض ابنتي ذات الـسبع سنوات، بحثت عن طبيب في صوران لكنني لم أجد، فقررت الذهاب بها إلى اعزاز. كان المطر غزيراً، فقررت الذهاب بواسطة ميكرو، آخذه طلباً خاصاً». ويضيف: «كنت على عجلة، ولم أتفق مع السائق، في نهاية المشوار طلب مبلغ 200 ليرة تركية أجرة النقل (حوالى 80 ألف ليرة سورية)، وكنت قد صرفت 100 أخرى بين معاينة طبية، وثمن أدوية».
الدراجات أوفر.. وأخطر
يتجه السكان إلى استخدام الدراجات النارية، حتى للتنقل مسافات طويلة بين القرى والمدن والبلدات، لأنها أكثر توفيراً في الوقود، لكنها أشد خطورة. ويُلاحظ تزايد الحوادث المرورية التي سببتها الدراجات النارية.
يقول مدير المكتب الإعلامي في الدفاع المدني - فرع حلب، لـ«صوت سوري» إن «معظم الحوادث التي وقعت في ريف حلب سببها الدراجات النارية. عدم وعي السائقين، ووعورة الطرقات». ويضيف: «تدني خدمات هذا القطاع يسبب كثيراً من الحوادث، وتفيد إحصاءاتنا بوقوع أكثر من 1000 حادث خلال العام 2020».