× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

نساء حول البرلمان السوري: الانقلابات «أعطت المرأة حقها»!

عقل بارد - أوراقنا 18-07-2024

خاضت النساء السوريات نضالاً طويلاً لانتزاع حقوقهن في التصويت والترشّح منذ حقبة ما قبل الاستقلال. وقد دعمهنّ في ذلك ساسة وتيارات كثر، وعارضهنّ أكثر. نستعرض عبر مقالين بعض المحطات البارزة في هذا الإطار

الصورة: (مركز اقتراع في انتخابات برلمانية سورية في كانون الأول 1961 / وكالة الصحافة الفرنسية)

نام مقترح منح المرأة السورية حق التصويت، ولم يستيقظ إلا بعد خروج الفرنسيين من البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، حين دفعت «عصبة الأمم» مسألة تصويت المرأة وحقها في الترشح للانتخابات إلى الواجهة العالمية بعد العام 1947. 

بين العامين 1920-1936 قسّمت فرنسا البلاد السورية وصارت لدينا أربع دويلات لكل منها مجلسه البرلماني الخاص، يُنتخب جزء منه على مرحلتين كما في دستور العام 1920، ويُعين جزؤه الآخر. لم تستطع امرأة في كل الجغرافيات السورية المقسّمة أن تكسر احتكار الرجال للبرلمان، أو تقترب من الشأن السياسي، في حين نجحت في دخول المجال العام إلى حد ما.

لم يفد وجود الاحتلال الفرنسي في هذا الجانب، رغم ادّعاءات الانتداب أنه جاء لنقل السوريين إلى المدنية الحديثة. حابى الفرنسيون رجال الدين المحافظين ولم يقدموا دعماً للتيارات التحديثية والتنويرية، لأن ذلك يضمن إبقاء المجتمعات المحلية تحت سيطرتهم. بالطبع يضاف إلى ذلك ضعف الحركة النسائية نفسها خارج المدن واقتصارها على العمل الخيري غالباً. كانت الحركات النسائية في تلك المرحلة ضعيفة التأثير على المستوى العالمي، ويسجل للحركات النسائية السورية أنها سبقت نظيراتها في كثير من دول العالم بما في ذلك فرنسا نفسها.

استمرت الأوضاع السياسية في البلاد في شد وجذب بين السلطة الفرنسية والمجتمع السوري وممثليه وأحزابه، وتركز الصراع على موضوع خروج القوات المستعمرة من البلاد. 

الانقلابات تمنح!

جرت كل الانتخابات في حقبة الانتداب وفق قاعدة غياب المرأة عن التصويت والترشح بطبيعة الحال، ولم يتغير الأمر في انتخابات 1947 (بعد الجلاء)، ولم تحمل إلينا الوثائق المتاحة أي مؤشرات على حضور المسألة في النقاشات البرلمانية. 

وبدلاً من أن يكون منح المرأة حق التصويت نتيجة لعمل برلماني كما كان متوقعاً في العام 1920، أُقرّ الحق بعد انقلاب حسني الزعيم العام 1949، إذ أصدر جملة مراسيم، من بينها قوانين الانتخابات التي منحت المرأة حق التصويت والترشح «شرط كونها متزوجة، حاصلة على تعليم ابتدائي على الأقل، كما يمكن النساء التصويت في مراكز اقتراع منفصلة». (Women and the People’s Assembly).

في آب 1949، أطاح انقلاب سامي الحناوي بالزعيم بعد أربعة أشهر من استيلائه على السلطة. دعا الحناوي إلى انتخاب جمعية دستورية لصياغة دستور، خلت تلك الجمعية من النساء، وبالتالي لم تشارك أي امرأة في صياغة الدستور. ومع ذلك، يُنظر إلى دستور العام 1950، على أنه أول محاولة ديمقراطية حقيقية في تاريخ الجمهورية الثانية، ومن خلاله حملت سوريا لقب أول دولة في المنطقة العربية تمنح النساء حق الترشح للانتخابات البرلمانية.

ساهم تغير الجو العالمي والإقليمي كثيراً في قبول السوريين لمبدأ حق المرأة في التصويت، وكذلك رحيل الاستعمار الفرنسي، فوق ذلك كانت بنى المجتمعات السورية بكاملها قد تعرّضت لتغييرات كثيرة مجتمعية واقتصادية، وأدى نشوء طبقة اجتماعية وسطى إلى الترحيب بهذه التغيرات وضعف معارضتها من قبل المحافظين بشكل عام.

غلاف مجلة الجيش السوري يوم الانقلاب: ألف ليلة وليلة، في دمشق زعيم! The original uploader was Sammy.aw at Arabic Wikipedia., Public domain, via Wikimedia Commons

تثبيت التغييرات 

خلال انقلاب الحناوي توّلت سلطة مدنية إدارة الحكومة والسلطة، وأشرفت على انتخابات جمعية تأسيسية جديدة. وقع انقلاب أديب الشيشكلي الأول في كانون الأول 1949 ولكنه لم يحل «الجمعية التأسيسية» التي تابعت عملها ووضعت دستور 1950 الذي «منح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء وقيّد سلطات الرئيس وعزز السلطة القضائية»، وفي إطاره العام صّمم الدستور في قطاع الحقوق الفردية ليحاكي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، فعرّف المواطن السوري الذي يحق له التصويت بأنه رجل أو امرأة فوق سن الثامنة عشرة، وسمح لكليهما بالحق في الترشح للبرلمان شريطة استيفاء المتطلبات: سن الثلاثين عاماً ومستوى التعليم. رضوان زيادة، تاريخ الدساتير السورية.

ترشّح بلا فوز

في العام 1953، أجريت انتخابات برلمانية في ظل دستور العام 1950 الذي أقر حق المرأة في الانتخاب والترشح في المادة 38 «الناخبون والناخبات هم السوريون والسوريات الذين أتموا الثامنة عشرة من عمرهم، وكانوا مسجلين في سجل الأحوال المدنية وتوافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخاب». 

في تلك الانتخابات شاركت المرأة السورية بفعالية في التصويت، فيما ترشحت ثلاث نساء، لم تتوافق المصادر المتاحة سوى على اسم واحدة منهنّ هي ثريا الحافظ، ولم تفز أيّ منهنّ في ضوء هيمنة السطوة الذكورية على الأكثرية. 

قلب العقيد أديب الشيشكلي ظهر المجن للحكومة وأقر دستوراً جديداً (دستور 1953) حوّل سوريا إلى نظام رئاسي ملغياً موقع رئاسة الوزراء، أعطى الدستور الجديد في المادتين 43 – 44 حق التصويت للرجال والنساء فوق سن الثامنة عشرة، وخفض سن الترشح إلى خمسة وعشرين عاماً من المتعلمين والمتعلمات.

ثم؛ في انتخابات العام 1954 المستندة إلى دستور 53 رشحت الدكتورة طلعت الرفاعي، نفسها، ولكنها لم تنجح.

وفد عسكري سوري في مصر لطرح فكرة الوحدة الاندماجية في 1958 / موقع وزارة الدفاع السورية

«مجلس الأمة» يخترق الحاجز نظرياً

في العام 1958 صارت الوحدة بين سوريا ومصر أمراً واقعاً، وأسفرت عن وضع دستور مؤقت (دستور الوحدة الذي نشر في الجريدة الرسمية في 13 آذار 1958 العدد الأول). دخل الدستور حيز التنفيذ بمجرد إعلانه من رئيس البلاد (عبد الناصر) الذي حاز صلاحيات تشريعية واسعة، من بينها تعيين أعضاء مجلس الأمة.

نصّت المادة (13) من الدستور المؤقت على إنشاء «مجلس أمة موحد» يتولى السلطة التشريعية في الدولة الوليدة. تشكّل المجلس من 600 عضو/ة (400 من مصر و200 من سوريا). استمر هذا المجلس في ممارسة السلطة التشريعية حتى 22 تموز العام 1961م، وفيه عُيّنت سيدتان سوريتان هما: جيهان الموصلي من دمشق، ووداد أزهري من اللاذقية (سجل برلمان ومجلس الشعب السوري، مازن صبّاغ، دار المشرق، والكتاب السنوي، الجمهورية العربية المتحدة، ،1960 ص .577).

كانت المحامية جيهان موصلي ـ ابنة حي الميدان بدمشق ـ أول امرأة تشارك في لجنة تحضيرية لدستور عربي. ووفقاً لمقال نشره موقع مجلس الشعب السوري بقلم د. نورا أريسيان نقلت فيه عن سجلات ومحاضر الجلسات في مجلس الشعب السوري، (مجلدات الجمهورية العربية المتحدة / مجلس الأمة)، 

كانت حياة ذلك المجلس قصيرة إذ وقع الانفصال في 28 أيلول 1961 وأعيد طرح تشكيل مجلس تأسيسي مرة ثانية في سوريا لوضع دستور جديد للبلاد في 12 كانون الثاني 1961 برئاسة مأمون الكزبري (البرلمان السوري في تطوره التاريخي، شاكر اسعيد، دار المدى دمشق، 2002، ص 176) وخرجت السيدتان من البرلمان. 

السيدة جيهان موصلي وسط زميلاتها في سلك التدريس / موقع esyria

نساء في «مجلس قيادة الثورة»

بعد الانفصال مباشرةً كلّف الانقلابيون (عبد الكريم النحلاوي) حكومة مدنية بوضع دستور مؤقت للبلاد وانتخب على إثرها مجلس تأسيسي ونيابي مهمته الأولى وضع دستور دائم للبلاد خلال مدة أقصاها ستة أشهر، يتحول بعدها المجلس إلى مجلس نيابي، وقرر هذا المجلس بتاريخ 13 أيلول 1962 إعادة تطبيق دستور 1950 مع بعض التعديلات.

بعد 8 آذار 1963 أصدر «رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة» أمين الحافظ في 25 نيسان 1964 المرسوم رقم 991 الذي أقرّ دستوراً مؤقتاً يكاد يكون مطابقاً لسابقه. استمر هذا الدستور المؤقت حتى قيام حركة 23 شباط 1966 التي أوقفت العمل به وقررت حل المجلس الوطني للثورة بموجب القرار رقم 1 تاريخ 23 شباط 1966 الصادر عن القيادة القطرية المؤقتة لحزب البعث.

تشكّل مجلس قيادة الثورة في هذه السنوات القصيرة على دفعتين، الأولى العام 1965 حيث ضم (المجلس) أعضاء البرلمان المعيّن الذي كان مؤلفاً من 95 عضواً بينهم ثمانية سيدات هنّ: عائشة الدباغ، شهيرة فلوح، نجاح ساعاتي، وسيمة سفرجلاني، سعاد العبد الله، حياة دواليبي، شكرية عبد الغني، نبيلة الرزاز.

التشكيلة الثانية لمجلس قيادة الثورة كانت في 15/2/1966 وسّعت المجلس السابق فبات عدد أعضائه 134، بينهم 12 سيدة بعد إضافة أربع سيدات للعضوات السابقات: جاكلين بيطار، عادلة بيهم الجزائري، أمية الخاير، لوريس عازار. 

منعطف 1970

بين 1963 و1970 لم تكن هناك حياة برلمانية بمعنى الكلمة في البلاد. بعد استلام حافظ الأسد السلطة عُيّن أعضاء «مجلس الشعب» تعييناً في 1971، وضمّ المجلس بموجب المرسوم التشريعي رقم 466 تاريخ 16 شباط 1971 أربع سيدات: سعاد بنت وجيه عبد الله (طرطوس)، سعاد بنت هاشم الزين (دمشق)، جورجيت بنت عبد الله وردة (إدلب)، أميمة بنت توفيق دياب (دمشق)، بنسبة لم تصل إلى ثلاثة بالمائة. 

في الانتخابات التشريعية التالية ومع ظهور نظام قوائم «الجبهة الوطنية التقدمية» دخلت خمس نساء من أصل 186 عضواً إلى البرلمان في العام 1973. ولعقود استقر تمثيل المرأة في قوائم «الجبهة الوطنية التقدمية» بنحو 12% من مجموع المقاعد، أي نحو ثلاثين مقعداً من أصل 250 مع وجود تفاوت بين دورة وأخرى (في انتخابات الدورة السابقة 2020 وصلت النسبة 8% فقط).

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0