× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

أزمة نفايات دمشق تزحفُ نحو أحياء جديدة

حكاياتنا - خبز 13-02-2025

قبل سقوط النظام السابق كانت العديد من أحياء دمشق تعيش واقعاً مأسوياً في ما يتعلق بالنظافة، قبل أن يتفاقم سوء الحال مع نقص اليد العاملة الذي طرأ على قطاع التنظيفات، لا سيّما في الأسابيع الأولى التي تلت السقوط

تعاني كثير من أحياء العاصمة السورية دمشق تراكمَ النفايات، ولا سيّما في الأحياء العشوائيّة التي كانت تشكو سابقاً من تردّي واقع النظافة، قبل أن يتفاقم الوضع سوءاً بعد سقوط النظام السابق، وتنضم إليها أحياء أخرى باتت تعاني أحوالَ مشابهة.

سابقاً: كانت ذرائع التأخر في ترحيل النفايات تتمحور حول أزمة الوقود، بينما يبرز اليوم سبب جديد مرتبط بنقص اليد العاملة، وقلّة السيارات والسائقين في محافظة دمشق، على ما تؤكد مصادر من داخل منظومة العمل.

نقص في اليد العاملة

كلّ يوم ينطلق ملهم (اسم مستعار، 40 عاماً) الساعة الخامسة صباحاً من بيته في بلدة حجيرة بريف دمشق، نحو عمله الذي يمارسه منذ خمسة عشر عاماً. يصل الرجل إلى عشوائيات المزة 86، في حدود الساعة السابعة صباحاً، ويبدأ جمع القمامة. 

يقول ملهم: «بعد سقوط النظام عاد كثير من عمال النظافة سواء من الجامعين أو من السائقين إلى قراهم وبلداتهم، وبالتالي لم يبق إلا عدد قليل لا يكفي لجمع كل قمامة العاصمة، ولذلك تراكمت النفايات في الشوارع». ويضيف: «في الأسابيع الأولى بعد سقوطه صرنا نحتاج ثلاثة أيام لنجمع كامل نفايات المزة 86، بينما في هذه المنطقة العشوائية يجب أن تجمع القمامة ثلاث مرات فياليوم الواحد، لشدة الكثافة السكانية، وقلة عدد الحاويات». 

يشرح الرجل أنّ الأمور تحسّنت نسبيّاً في مطلع الشهر الماضي، إذ عاد بعض العمال، غير أن الحاجة ما زالت قائمة للمزيد.

كذلك، هناك ضرورة مُلحّة لتوفير كثير من المعدات والمستلزمات الأساسية، وخاصة تلك المرتبطة بصحة عمّال النظافة، كاللباس والمعمقات وغيرها من المواد التي لم تكن تُوزّع في أيام النظام السابق. 

مخاطر لا حصر لها

عند البحث في تأثير تراكم النفايات تشير عديد الأبحاث والدراسات بشك أساسي إلى تلويث البيئة والمناخ والتربة والهواء، لكن هناك أيضاً مخاطر ذات تأثير مباشر على صحة البشر، منها ما هو سريع، ومنها ما ينعكس تأثيره على المدى الطويل، وهو الأخطر.

يشرح الدكتور مجد عيزوقي، وهو اختصاصي في الأمراض الداخلية الباطنية والهضمية، بعض الآثار، ويقول لـ«صوت سوري» مُفصلاً: «يؤدي التعرض للجراثيم والملوثات إلى انتشار البكتريا مثل (السالمونيلا والإشريكية القولونية)، والفيروسات، والطفيليات (مثل الديدان)، إذ تنتقل من القمامة إلى الماء والطعام، ثم تجد طريقها إلى جسم الإنسان فتسبب أمراض المعدة والأمعاء، مثل: الإسهال الحاد، والتيفوئيد، والكوليرا، والدوسنتاريا، والتسمم الغذائي». 

يضيف: «لدينا أيضاً انتشار الالتهابات الطفيلية مثل الديدان المعوية (الأسكاريس)، ويسبب التلامس المباشر مع القمامة أمراض الجلد، مثل: الالتهابات الجلدية، والحساسية، أو التقرحات بسبب مواد كيميائية أو مواد حادة في القمامة (مثل الزجاج المكسور)، إضافة إلى إصابات بجروح أو عدوى من مواد حادة أو نفايات طبية (مثل الإبر الملوثة)، كما تسبب الروائح الكريهة المنتشرة غثياناً وصداعاً».

بعد سقوط النظام عاد كثير من عمال النظافة إلى قراهم وبلداتهم، ولم يبق إلا عدد قليل لا يكفي لجمع كل قمامة العاصمة، فتراكمت النفايات في الشوارع

تسير الآثار غير المباشرة لترك القمامة متراكمة في الشوارع عبر حلقة دائرية، فيرتبط كل عامل في تلك الدائرة بالعامل الذي يسبقه، وأيضاً بالذي يليه، ما يؤدي بشكل ما إلى انتشار الأمراض الخطيرة والسرطانات.

وتشير دراسة أميركية نُشرت العام الماضي إلى أن التلوث مُسبب مباشر لتغير المناخ، ويرتبط مباشرة أيضاً بزيادة نسب السرطان. 

يُعتبر تراكم القمامة أحد أهم عوامل التلوث بطبيعة الحال. وعن ذلك يتحدث عيزوقي شارحاً: «يتلوث الهواء نتيجة تراكم القمامة فتنتشر أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو، والشعب الهوائية، وسرطان الرئة، والانسداد الرئوي المزمن». 

علاوة على ذلك يؤدي تراكم النفايات لفترات طويلة إلى تلوث التربة التي بدورها تلوث المياه، ما قد يؤدي إلى تسرب المواد الكيميائية (مثل المعادن الثقيلة) إلى المياه الجوفية أو التربة، وهذا وفق د.عيزوقي قد يُسبب أمراض الكلى والكبد (مثل التسمم بالرصاص أو الزئبق)، والعديد من أنواع السرطان نتيجة التعرض المزمن للمواد المسرطنة.

ضرورات مُلحّة

ما ينطبق على دمشق ينطبق على معظم المدن والمناطق السورية، وبعضها يعيش ظروفاً أشدّ سوءاً. ما يُؤشر على الضرورات الملحّة لهذا القطاع، من بناء منظومة جديدة وحديثة من حاويات القمامة وسيارات الفرز، ولوجستيات مرتبطة بأمن وسلامة عمال النظافة، وتحديث للمطامر وافتتاح المزيد منها، وغير ذلك من إجراءات قد يتطلب إنجازها أعواماً من العمل، لكنها أولوية مُلحّة بكل تأكيد. 

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0