× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

معتقلو «تحرير الشام» في حسابات المرحلة الجديدة: ملف شائك غامض

عقل بارد - على الطاولة 19-10-2025

في الأيام الأخيرة تصدر «الجهادي» الأوزبكي المعروف باسم أبو دجانة عشرات المنشورات والأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إثر اعتقاله في سوريا، في المقابل، يقبع عشرات «الجهاديين»، و«الإسلاميين الحركيين»، وأعضاء «حزب التحرير الإسلامي» في سجون إدلب منذ ما قبل سقوط نظام الأسد، من دون ضجيج

الصورة: (من جولة لوزير الداخلية في الحكومة الانتقالية أنس خطاب على سجون إدلب في آب الماضي / وزارة الداخلية عي فايسبوك)

قبل أكثر من شهر، أعلن «الجهادي» المصري أبو شعيب إضراباً عن الطعام داخل معتقله في إدلب، غير أن السلطات الانتقالية في دمشق (تحرير الشام سابقاً) لم تُظهر اكتراثاً بالأمر، ما يشي بأن مصير بعض الإسلاميين الحركيين المعتقلين في سجون «الهيئة» سيبقى دون حل جذري، خاصة في ظل الحديث عن أيادٍ إقليمية لدول فاعلة في الملف السوري، من بينها تركيا، تصر على بقاء هؤلاء في المعتقلات.

مُوالٍ بات معارضاً شرساً

قبل ثماني سنوات جرت مناظرة حامية الوطيس للدفاع عن «هيئة تحرير الشام» بين المؤيد لها بشدة طلحت المسيّر، المعروف بأبو شعيب المصري، والمعارض الشيخ أيمن هاروش الذي شيطن مشروع الهيئة.

انقلبت المواقف بعد سنوات؛ غدا هاروش مؤيداً للهيئة ومقرباً منها، بينما جرى اعتقال المصري بعملية خطف مصورة في العام 2023 من مدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي، ويقبع اليوم في أحد سجون إدلب، رغم إطلاق سراحه لبضعة أشهر عقب وساطة من أحد رجال الدين المقربين من السلطة، لكن سرعان ما زُج في المعتقل مجدداً لكونه «لم يلتزم بالتعهد الذي قطعه على نفسه بعدم التدخل في الشأن العام»، ليُعلن أخيراً إضرابه المفتوح عن الطعام.

قضية المصري لم تلق صدى واسعاً بين السوريين الذين باتوا غالباً غير معنيين بمثل هذه القضايا بعد سقوط نظام الأسد، إذ ربما يعدها كثيرون جزءاً من ملفات المرحلة الماضية التي تقوم على الصراع الفصائلي بين سلطات الأمر الواقع، أو لأن الإسلاميين المعتقلين يصنفون في أقصى اليمين في ظل محاولة الجماعات الإسلامية، التي أسقطت النظام، الظهور في صورة أقل تشدداً، قد تقودها نحو استعارة النموذج الإسلامي التركي الذي يمثله حزب العدالة والتنمية.

حزب التحرير.. والضغط التركي

يأتي في قائمة ملف المعتقلين الإسلاميين، ممن يبدو أن مصيرهم لا يزال مجهولاً، عشرات المنتسبين إلى «حزب التحرير الإسلامي»، في ما يُعتقد أنه تلبية لضغوطات أنقرة لإنهاء الحزب الذي يناهض الدولة التركية ويدعو إلى خلافة إسلامية، وضع منظرو الحزب دستوراً لها، ونظموا ولاياتها.

في منشوراتها على «فايسبوك» و«تلغرام»، تواظب واحدة من أبرز الشخصيات النسائية ضمن «حزب التحرير» فاطمة العبود، المعروفة بـ «أم النور» على تدوين انتقادات لاذعة للسلطات الجديدة في دمشق، مطالبةً بإطلاق سراح معتقلي الحزب، فضلاً عن انتقاد بعض حالات إطلاق سراح الشبان العسكريين من جنود النظام السابق، معتبرة أن السلطة «تقول للشبيحة اذهبوا فأنتم الطلقاء، أما الأحرار؛ (فمصيرهم) السجن عشرات السنوات».
في ربيع العام 2024 كان حضور «حزب التحرير» كثيفاً خلال ما عرف بـ«الحراك الشعبي ضد الجولاني» في الشمال السوري، مع المطالبة بتنحي زعيم «هيئة تحرير الشام» وتوسيع «مجلس شورى المناطق المحررة»، وحل جهاز الأمن العام.

 «قضية اعتقال الغزي تتعلق بأصوله الفلسطينية؛ فقد اعتقل إلى جانب فلسطيني آخر يدعى شامل الغزي، لظهورهما المتكرر في الإعلام، ما أوقع القيادة الجديدة في موقف محرج لأنها كانت تجري مفاوضات مع (العدو) الإسرائيلي»

في العام 2024 شارك أعضاء «حزب التحرير» رجالاً ونساءً في مظاهرات شبه يومية ضد أبي محمد الجولاني (الرئيس الانتقالي أحمد الشرع)، وأبي أحمد حدود (وزير الداخلية الحالي أنس خطاب)، لكن سرعان ما جرت عمليات الاعتقال الفجائية ضد أعضاء الحزب، والزج بمعظم الفاعلين والمؤثرين فيه ضمن سجون إدلب.

لم تفلح تظاهرات نساء المعتقلين، من زوجات وشقيقات وأمهات في الضغط لإطلاق سراحهم، واللافت أنها لا تزال مستمرة لإقناع السلطة بالإفراج عن المعتقلين، برغم سقوط النظام، وانتهاج رئيس المرحلة الانتقالية نهجاً تصالحيّاً لطي الخلافات مع كثير من معارضيه، حتى الأشد منهم، مثل حسن الدغيم الذي سبق أن أطلق على الجولاني (الشرع) لقب «مجهول النسب»، قبل أن يصبح من أصحاب المناصب في العهد الجديد.

فلسطينيون في السجون السورية

لا تقتصر قائمة معتقلي السلطة الجديدة على أعضاء «حزب التحرير» بل تشمل شخصيات إسلامية أخرى، كان قسم منها مقرباً من «الهيئة» مثل الزبير الغزي، وهو «جهادي» فلسطيني كان أحد القياديين السابقين المحظيين لدى «تحرير الشام»، إذ تسلّم سابقاً المسؤولية المباشرة عن مشروع الهيئة التربوي والتعليمي المتمثل بمدارس «دار الوحي».

تتضارب المعلومات المتداولة حول أسباب اعتقال الغزي، فبحسب مصدر عسكري تحدث لـ «صوت سوري»، أنه اعتُقل «على خلفية تدوينات طائفية عشية أحداث الساحل، حرّض خلالها على الأقليات من علويين ودروز ونادى بتكفيرهم».

بينما يشير مصدر عسكري آخر إلى أن «قضية اعتقال الغزي تتعلق بأصوله الفلسطينية؛ فقد اعتقل إلى جانب فلسطيني آخر يدعى شامل الغزي، لظهورهما المتكرر في الإعلام، ما أوقع القيادة الجديدة في موقف محرج لأنها كانت تجري مفاوضات مع (العدو) الإسرائيلي».

وينسجم هذا التفسير مع أقاويل متزايدة عن توجه السلطات الجديدة إلى تقييد تحركات مختلف المنظمات الفلسطينية، فضلاً عن «الجهاديين» الفلسطينيين، في استجابة لمطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أيار/مايو الماضي بطرد من وصفهم بالإرهابيين الفلسطينيين من سوريا.

ثمن «الشرعية»؟

يكشف التباين في مصير معتقلي «تحرير الشام»، بدءاً من «الجهاديين» المنشقين مثل أبو شعيب المصري، مروراً بـ أعضاء «حزب التحرير» المتأثر بالضغوط الإقليمية التركية، وصولاً إلى بعض الفلسطينيين، أن ملف السجون في إدلب لا يمثل خلافات فصائلية عادية. بل هو انعكاس دقيق وحساس لاستراتيجية «هيئة تحرير الشام» (السلطة الجديدة)، التي تسعى للتخلص من عناصرها الأكثر تشدداً، وتصفية الخصوم المحليين (كحزب التحرير) لدواعٍ يتداخل فيها استقرار السيطرة، بإعادة ترتيب أوراقها الإقليمية والدولية تحت سقف الاعتدال المُتصور.

ويبقى مصير هؤلاء المعتقلين الغامض مؤشراً على الثمن الباهظ الذي قد تدفعه مختلف التيارات الإسلامية مقابل محاولة القيادة الجديدة تحقيق الشرعية والاعتراف في المرحلة السورية الجديدة.

سجون_إدلب أبو_شعيب_المصري أبو_دجانة_الأوزبكي

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

مقالات رائجة

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0