× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

كورونا وسورنة العالم!

حكاياتنا - حشيش 19-09-2020

في الأسابيع، بل الأيام الأولى من انتشار خبر الفايروس الجديد، أقبل البشر على تخزين الطعام والاحتياجات اليومية، وأفرغوا رفوف المحال من كل شيء. راح الناس يفكرون: ماذا يمكن أن يفعلوا إذا لم يعد هناك خبز وطعام جاهز يمكن الحصول عليه بسهولة؟!

الصورة: (Engin Selçuk - كارتون موفمينت)

قال الراوي يا سيدات يا كريمات: ثم جاء الوافد العجيب، وشلّ مفاصل الحياة في العالم. ارتبكت البشرية من المشرق إلى المغرب، وكُشفت عيوب الرأسمالية وقدرات استجابة الدول وهشاشتها على مختلف المستويات. 
خلال فترة وجيزة، تحولت الحياة من صورة متحركة بسرعة عالية، إلى مشهد شديد البطء، ليصبح بإمكاننا أن نلاحظ تفاصيل كانت تضيع في الضجيج المتواصل والحركة المستمرة.
بين ليلة وضحاها، تعذّر السفر والتنقل لزيارة الأقارب والأصدقاء، وحضور المؤتمرات والاجتماعات التي كانت تكلّف الكثير، ولا تكون متاحة إلا لمن لديهم ما فيه الكفاية من الحظوظ، (أو واسطة تقيلة) تسمح بحصولهم على تأشيرات السفر التي باتت شبه مستحيلة لمن يحمل جواز سفر سوري، ما جعل الوجوه ذاتها تظهر في كل ما هو متعلق بالشأن السوري (بس هي قصة لوقت تاني).
توقف العناق والتقبيل والمصافحة، والجلوس على موائد عامرة بالأهل والأصدقاء، وأجا العيد وراح العيد، وأجا العيد اللي بعده وكمان راح، وتعالت التحذيرات من الموجة الثانية، ولسة الموجة الأولى ما خلصت أصلاً!
في الأسابيع، بل الأيام الأولى من انتشار خبر الفايروس الجديد، أقبل البشر في معظم الدول (بالأخص أوروبا وأميركا) على تخزين الطعام والاحتياجات اليومية، وأفرغوا رفوف المحال من كل شيء. راح الناس يفكرون: ماذا يمكن أن يفعلوا إذا لم يعد هناك خبز وطعام جاهز يمكن الحصول عليه بسهولة؟! واختبر وأتقن معظمهم مهاراتهم في الطبخ والخَبز. وبدأت ملامح الأزمة الاقتصادية الجديدة.
امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالتذمر من التواصل الإلكتروني، والعمل عن بعد، واجتماعات «الزووم»، والحنين إلى اللقاء الشخصي مع الأهل والأصدقاء وزملاء العمل (على الأقل بعضهم).
يا سلام! كأنها «سورنة العالم»! (المحررة: آااخ منك يا زميلة! لو كنت تقرئين مقالات هذا الموقع جيداً، لعرفت أنها خطّة من الخطط الحكيمة!)
ليست هناك إحصاءات رسمية، لكنني أظن أن نسبة العائلات السورية التي ما زالت تعيش بكاملها تحت سقف واحد، أو حتى في مدينة أو بلدة واحدة، لا تتجاوز 5%، وفكرة الاجتماع مع الأهل، وحتى معظم الأصدقاء، أصبحت حلماً معظمنا مهيّئ نفسياً لعدم حصوله لمدة طويلة. (المحررة: نعم، نحن روّاد التباعد الاجتماعي). منذ سنوات بات تواصلنا مع بعضنا محكوماً بسرعة وتوفر الأنترنت والكهرباء والمازوت (للمولدة)، وصار التواصل الإلكتروني جزءاً لا يتجزأ من حياة السوري، بل الوسيلة الأساسية والمفضلة. (حسناً، ربما ليست المفضّلة ولكن من منطلق إقناع النفس وتقبّل الواقع).
أما من ناحية الطعام، فيمكننا أن نكون ممتنين للعقوبات الاقتصادية الخارجية المتتالية والمستمرة، ممزوجة بالفساد المحلي المتجذر، لتهيئتنا لهذه المرحلة المفصلية في حياة البشرية! لقد أصبحنا خبراء في إعداد ولائم كاملة من لا شيء، وفي بعض الحالات من ورق الشجر! (اسألوا الذين عاشوا في الحصارات).
أما تخزين الاحتياجات، فلا طاقة لدي للضحك! (قال تخزين قال! أساساً الراتب بيخلص قبل ما يوصل ع الجيبة… لما يكون في راتب)
أنا شخصياً لم تتغير حياتي، جلست أمام شاشتي، على أريكتي التي هي ذاتها سريري، وتابعت التواصل الإلكتروني مع أهلي المقيمين في قارة أخرى، ومع أصدقائي المبعثرين في أصقاع العالم. وعندما جعت، وضعت أمامي الوليمة اليومية المعتادة (من شو بيشكي الزيت والزعتر أو البرغل؟) 
وتابعت من هنا ارتباك البشر حول المصير المجهول لحيواتهم في حال عدم تعافي الاقتصادات، وعودة «الحياة الطبيعية»، وفقدان المستلزمات. 
كان بودّي أن أقول لهم «لا تخافوا، نحن منذ زمن بعيد وصلنا إلى هنا، وما زلنا!».

كنت على وشك أن أصرخ: «حياة السوري ترحب بكم». لكنني انتبهت إلى المفارقة في الجملة الأخيرة.. «حياة السوري؟».. وغرقت في الضحك.


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها