× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

عن بلاد سرُّها بين القاف والنون!

عقل بارد - على الطاولة 16-03-2021

لماذا قد ينجح إنسان خارج بلاده، ولا يستطيع داخلها؟ ما كلمة السر في تحول سوريين كثر إلى حالات تميز لافتة في بلدان لجوئهم؟ وما الكلمة المضادة لها التي تجعل هذا التميز أمراً شبه مستحيل داخل البلاد؟ وأيّ وصفة سحرية يحتاجها المستقبل السوري؟

الصورة:(السباحة السورية يسرى مارديني / IOC MEDIA - فليكر)

«نتنعّم بالحضارة الأوروبيّة الفخمة، بالحريّات واحترام الإنسان، حتى إننا أكتشفنا أنّ لنا حقوقاً لم نسمع بها في حياتنا من قبل، كحق أن تغيب عن العمل يومين تحت شعار أنك بحاجة إلى الاسترخاء فقط لا غير»!  

هكذا وصف عبّود، في منشور على موقع فايسبوك، جانباً من حياته في ألمانيا التي سافر إليها منذ تسع سنوات، من دون أن يغفل حنينه إلى ذكريات بلدته ومدينته.  

تبدو الجملة كفيلة بتبيان الهوة السحيقة التي تفصل بلداننا في الوطن العربي عن الدول الغربية، في ما يتعلق بحقوق الإنسان على وجه الخصوص، وبعيداً عن سياسات الحكومات الغربية تجاه بلدان الشرق. 

تطالعنا وسائل الإعلام من حين إلى آخر، بأخبار تميز سوريين وسوريات في الخارج، سواء من ناحية التفوق الدراسي، أو النجاح المهني، أو حتى إعادة بناء الذات واستكمال التعليم، وغير ذلك من الخطوات التي غيّرت حياة كثيرين. 

السؤال الذي يصح طرحه كل مرة نسمع فيها عن تميز لسوري/ـة في الخارج، هو: هل كان هذا التميز متاحاً لولا مغادرة سوريا؟ والإجابة المرجحة في كل الحالات: لا! 

لا شك في أن الانخراط في بيئات جديدة على صعيد التعليم، والإدارة، والعمل، وحتى القيم الاجتماعية والمفاهيم الثقافية، فضلاً عن تعلم لغات جديدة، يعتبر تحدياً كبيراً لأي إنسان في الحالة الطبيعية، فكيف إذا كان خارجاً من حرب مدمرة لا يفكر سوى في النجاة بحياته؟ لكن الصحيح أيضاً أن هذه البيئات قد تكون عاملاً مساعداً للتغيير، على مستوى الفرد والشرائح، وخاصة الفئات التي كانت أدوارها محددة في بلادنا بفعل العادات والتقاليد. 

السؤال الذي قد يصح طرحه دائماً، مع كل مرة نسمع فيها عن تميز لسوري/ـة في الخارج، برغم الظروف القاهرة، هو: هل كان التميز متاحاً له/ـا لولا مغادرة سوريا؟ والواقع أن هذا السؤال سهل، والإجابة المرجحة في كل الحالات: لا!

السؤال التالي بديهياً: لماذا؟

بالتأكيد ليس من العدل المقارنة بين بلد مثل سوريا، في منطقة محتدمة الصراعات مثل الشرق الأوسط، وبين البلدان الغربية. لكن ما لا يمكن إنكاره هو الآفاق الجديدة التي قد تفتح أمام القادمين من الشرق في هذه البلدان، بما تقدمه من حرية للفرد وحقوقٍ للإنسان. 

الحصول على فرصة للعمل هنا، ليس مرهوناً بمعرفتك لـ سين، وعين من المتنفذين، بل يتوقف على الشهادة العلمية والمهارات والخبرات. 
أما العلاقة مع الآخر، سواء كان فرداً من العائلة، أو جاراً، أو رب عمل، أو مسؤولاً، فيحكمها القانون فقط، من دون أن تطغى العادات والتقاليد، أوالأفكار النمطية المقولبة. فضلاً عن عدم تمييز القوانين بين الأفراد على أي أساس كان. 

التباين الأكبر بين أوروبا، وبين بلادنا، تشعر به على وجه الخصوص، النساء والفتيات السوريات، بفعل الفارق الهائل بين القوانين التي تنظم حياة المرأة في الغرب، ونظيرتها في الشرق، هذا بفرض صحة تسمية ما يسود في منطقتنا في شأن المرأة بـ«قوانين».

افتقدت منطقتنا العربية مثل هذا المناخ منذ عقود سبقت «الربيع العربي»، واستمر الفقد في الفترة التي تلته، بل تفاقم سوء الوضع بفعل الأحداث الدموية في معظم البلدان. وربما كان توافره دافعاً قوياً لإعادة اكتشاف الذات، والقدرات، وهو ما نجح فيه سوريون كثر في العقد الأخير. عدد منهم حصل على شهادات جامعية من أرقى الجامعات الأوربية التي ربما كان من الصعوبة بمكان الحصول على مقعد دراسي فيها سابقاً، فيما حصل آخرون على فرص كبيرة لتطوير مساراتهم المهنية، والوصول إلى مستويات جيدة بفعل ما تقدمه الشركات الأوروبية من تحفيز مادي وعلمي، ودورات تدريبية، وغير ذلك. 

كما أن ملاءمة الأجور لمستوى المعيشة، تمنح الكائن البشري مساحة لنفسه، ولا يكون مضطراً للعمل ساعات طويلة وأحياناً في مهنتين مختلفتين لمجرد تأمين القوت، بل يكفيه عمل واحد ليعيش بشكل جيد، ويتفرغ باقي اليوم لاكتشاف مواهبه وتطويرها إذا شاء، أو لمجرد الجلوس وعدم فعل شيء!

لا حاجة إلى سرد حكايات نجاح، وتعداد أمثلة لبلدان حققت قفزات، ليس بفعل وصفات سحرية، ولا معادلات مستحيلة. هناك كلمة مفتاحية أساسية: قوانين، وكلمات دلالية مرتبطة بها: من يضع تلك القوانين، ومن يضمن تطبيقها وعدم وجود مكان لأحد فوقها.

الملف كاملاً: سوريا التي نريد

Embed from Getty Images

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0