× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

الزراعة في إدلب: المستهلك ضحية خطط «الإنقاذ» ومصالح «تحرير الشام»

حكاياتنا - خبز 21-11-2021

تؤكد حكومة الإنقاذ أنها تعمل على تنشيط قطاع الزراعة في محافظة إدلب، فيما نجحت «هيئة تحرير الشام» التي تدير المنطقة من خلف الكواليس، في تحصيل مكاسب كبيرة قد تؤسس لتغول كبير في هذا القطاع، في ظل غياب التنافسية وضعف إمكانيات بقية المزارعين. أما الخاسر الأكبر فهو المستهلك

الصورة: (موقع حكومة الإنقاذ)

تؤكد حكومة الإنقاذ أنها تعمل على تنشيط قطاع الزراعة في محافظة إدلب، لكن الإجراءات المتخذة في هذا السياق قادت إلى التهاب أسعار المنتجات الزراعية محلياً، لمصلحة «هيئة تحرير الشام».

يمكن إجمال خطة «الإنقاذ» الزراعية بالتخلص من منافسة المنتج التركي، والمنتج السوري القادم من ريف حلب الشمالي من خلال سلسلة من قرارات حظر استيراد الخضروات من معبري باب الهوى مع تركيا، والغزاوية مع ريف حلب الشمالي، وتقديم الدعم لبعض المزارعين من بذار وأسمدة ومحروقات، إضافة إلى حلول جزئية لمشكلة مياه الري التي تعد أكبر عائق يقف أمام نجاح القطاع الزراعي في المنطقة.

آراء ومصالح

تتوافق آراء عديدة استمع إليها «صوت سوري» من سكان، وتجار، ومزارعين على أن الغلاء هو سيد الموقف، إذ طال - تقريباً - جميع أصناف الخضروات والفواكه المنتجة محلياً، لتسجل الأسعار أرقاماً غير مسبوقة، ما يجعل الفجوة هائلة بين أسعار السوق والقدرة الشرائية للمستهلك.

نقطة الافتراق بين كل من المستهلكين والتجار من جهة، والمزارعين من جهة أخرى، هي أن حظر استيراد المنتجات الزراعية التركية مثل البطاطا والبصل، وسابقاً الملوخية والباذنجان والفليفلة، عزز من مكاسب المزارعين على حساب التجار الذين تضرروا من وقف عمليات الاستيراد، لأنهم يعتمدون على التجارة الخارجية، فيما يعد المستهلك المتضرر الأكبر، لأن وقف الاستيراد كثّف الطلب على السلع المحلية ورفعَ أسعارها بنسب تتراوح بين 100 بالمئة و150 بالمئة. 

خدمات وقروض

قبل فترة قررت وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ تقديم خدمات عديدة إلى بعض مزارعي المنطقة، وأسهمت في تحسين الواقع الزراعي بحسب ما يؤكده مزارعون لـ«صوت سوري».

من تلك الخدمات، تقديم بذار القمح المدعومة للفلاحين قبل البدء بموسم زراعة القمح بسعر 380 دولاراً لطن القمح الطري، و390 دولار للقمح القاسي.

كما أعلنت «الإنقاذ» عن منح «قرض حسن» يغطي مستلزمات زراعة المحاصيل مثل البذار المحسنة، والأسمدة، والمحروقات، والمبيدات، على أن يتم سداد القرض نقداً بعد حصاد المحصول.

يؤكد أحد التجار أن «كل من يعمل في السوق يدرك من يحاول التحكم والإمساك بزمام الأمور»، ويضيف: «مثلاً: عندك البندورة كل يوم سعر، مثل البورصة.. هناك جهة واحدة قادرة على التوقف عن عرضها، أو إغراق السوق بها»

يقول أبو إبراهيم، وهو فلاح من مدينة سرمين شرقي إدلب إنه تمكن بعد حصوله على «قرض حسن» من العودة إلى أرضه التي هجرها إثر نزوحه عشية معارك إدلب الأخيرة (شباط 2020).

ويوضح: «زرعت أرضي في الموسم الماضي اعتماداً على هذا القرض. أعرف عشرات الفلاحين ممن استفادوا من هذا الإجراء، لكن تبقى لدينا مشكلة الماء بدون حل». 

أزمة مياه عالقة

يشكو فلاحون من البلاغ رقم 23 للعام 2021 الذي علّقت وزارة الزراعة والري بموجبه السماح حفر الآبار لأنها «تسبب أضراراً مباشرة على منسوب المياه الجوفية»، إذ تعتمد شريحة واسعة من المزارعين على مياه الآبار الارتوازية للري.

وبرغم الكلفة الباهظة (قد تصل كلفة حفر بئر ارتوازي إلى نحو 10 آلاف دولار) فقد شهدت الأعوام الماضية انتشاراً واسعاً لحفر الآبار، بالتوازي مع اللجوء إلى زراعة منتجات جديدة، صيفية وشتوية، إلى جانب زراعة التين والزيتون التي تشتهر بها إدلب. 

يقول حسن، وهو أحد مزارعي معرة مصرين لـ«صوت سوري» إن المحاصيل في منطقته تعتمد على مياه الآبار بشكل حصري، كونها بعيدة نسبياً عن محطة عين الزرقا وهي المصدر الرئيسي لمياه الشرب والري في إدلب.

ويضيف: «الأرض بدون بئر لا قيمة زراعية لها، في سوق العقارات هناك فارق سعري كبير بين الأرض التي تحوي بئراً، وتلك التي ليس فيها بئر».

وباشرت «الإنقاذ» بأولى ترتيبات استجرار مياه عين الزرقا إلى مناطق: البالعة، والغفر، والمعزولة في سهل الروج الذي يعد السلة الزراعية الأكبر في إدلب، من خلال صيانة محطة عين الزرقا التي تقع على الطرف الشرقي لنهر العاصي.

استفادت «تحرير الشام» التي تعد المحرك الأكبر لعجلة الاستثمار في إدلب لصالح خزينتها الخاصة، من إجراءات «الإنقاذ» المتعلقة بإيقاف الاستيراد، وأغرقت السوق بالمنتجات الزراعية التي ينتجها مزارعوها، أو مزارعون مدعومون منها

وبحسب تصريحات إعلامية للإنقاذ «هناك خطة لإعادة تفعيل المشروع بشكل كامل، وزيادة المساحات المروية في منطقة سهل الروج».

وخلال السنوات الماضية تعرضت محطة عين الزرقا لسرقات طالت معظم تجهيزاتها ومضخاتها، ما أوقفها عن العمل، وتسبب بجفاف سد البالعة الذي يروي 10 آلاف هكتار من أراضي سهل الروج.

وتشير تقارير صحفية إلى أن الصيانة الكاملة للمحطة تحتاج إلى دعم دولي، بسبب كلفته العالية.

تغول فصائلي

استفادت «هيئة تحرير الشام» التي تعد المحرك الأكبر لعجلة الاستثمار في إدلب لصالح خزينتها الخاصة، من إجراءات «الإنقاذ» المتعلقة بإيقاف الاستيراد، وأغرقت السوق بالمنتجات الزراعية التي ينتجها مزارعوها، أو مزارعون مدعومون منها، مثل الفليفلة، والباذنجان، والبطاطا، والذرة، وغيرها.
وفي ما تبدو خطة لإمساك ملف الزراعة والاستثمار فيه، شددت «تحرير الشام» قبضتها على معبر الغزاوية الذي يصل مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة الجيش الوطني.

يوضح أبو محمد، وهو سمسار يعمل في مجال تصدير التين وزيت الزيتون نحو مناطق سيطرة دمشق، أن «طرق التهريب مكلفة جداً، إذ يضطر التجار إلى دفع مبالغ مالية قد تعادل ثمن نصف الكمية الممررة، ما يخفض أرباح هذه التجارة

استثمرت «تحرير الشام» في أراضي الفوعة وكفريا، وباتت تتحكم في معظم المساحات الزراعية في هاتين البلدتين بعد إجلاء سكانهما بموجب الاتفاق الإقليمي الشهير الذي عُرف بـ«اتفاق المدن الأربع». كما تتعاون مع فلاحين في بعض مناطق الريف الغربي؛ مثل حارم، وسلقين، وكفرتخاريم، لزراعة المحاصيل الصيفية والشتوية ومن ثم طرحها في السوق المحلية مقتنصة فرصة غياب منافسة المنتجات التركية، والسورية القادمة من ريف حلب الشمالي من جهة، وعدم توافر القدرة المادية المماثلة لإمكانياتها الضخمة لدى مزارعي المنطقة من جهة أخرى.

يؤكد أحد تجار المنطقة لـ«صوت سوري» أن «كل من يعمل في السوق يدرك من يحاول التحكم والإمساك بزمام الأمور»، ويضيف: «مثلاً: عندك البندورة كل يوم سعر، مثل البورصة.. هناك جهة واحدة قادرة على التوقف عن عرضها، أو إغراق السوق بها».

لا أسواق تصريف

بعد أزمة المياه المستعصية على الحل، تبقى معضلة إيجاد أسواق خارجية مفتوحة هي الأزمة التي تؤرق المزارعين، وتحرمهم الاستفادة من محاصيلهم على النحو الذي يشتهون.

قبل الهجمات المتتالية التي أفضت تباعاً إلى سيطرة دمشق على مساحات واسعة من أرياف حلب وحماة وإدلب، كان باب تبادل السلع بين منطقتي السيطرة مفتوحاً على مصراعيه، ومن دون عوائق تذكر.

لكن إغلاق معبر مورك شمالي حماة، والراشدين والمنصورة غربي حلب، وأبو الزندين شرقي حلب، أوقف الحركة التجارية بين منطقتي السيطرة، باستثناء بعض الشاحنات التي تمر عبر شبكة من طرق التهريب، بأكلاف باهظة تجعل تحقيق مكاسب وفيرة للفلاحين أمراً بالغ الصعوبة.

يوضح أبو محمد، وهو سمسار يعمل في مجال تصدير التين وزيت الزيتون نحو مناطق سيطرة دمشق، أن «طرق التهريب مكلفة جداً، إذ يضطر التجار إلى دفع مبالغ مالية قد تعادل ثمن نصف الكمية الممررة، ما يخفض أرباح هذه التجارة». 

ويضيف: «هذه الطرق تظل غير آمنة، وتحتاج البضاعة وقتاً طويلاً كي تصل وجهتها، فضلاً عن الضرائب، والإتاوات، وعمليات النهب التي تطال البضائع».

الغزاوية.. «مزاجية غير مفهومة»

فيما يعاني التجار والفلاحون والسماسرة من صعوبة تمرير المنتجات الزراعية نحو حلب أو دمشق، يواجهون متاعب إضافية مصدرها حاجز الغزاوية الذي تسيطر عليه «تحرير الشام». 

يؤكد التاجر أبو جميل لـ«صوت سوري» أن «عبور الحاجز يعد المرحلة الأولى من عملية تصدير المنتجات، كونه يفصل بين منطقتين للمعارضة تسيطر عليهما جهتان مختلفتان. يتقاضى الحاجز إتاوات عن كل شاحنة تمر باتجاه ريف حلب الشمالي، لكن هذا لا يشكل عائقاً كبيراً بالنسبة للتجار كونهم اعتادوا على مسألة الإتاوات في كل المناطق السورية على اختلاف الجهات المسيطرة».

المشكلة الأكبر «تتعلق بمزاجية حاجز الغزاوية التي لا يمكن التكهن بها. على سبيل المثال اشتريت شاحنة تين بهدف شحنها نحو دمشق، لكن المفاجأة كانت إغلاق معبر الغزاوية في ذلك الوقت، وهكذا وقعت في ورطة كبيرة؛ فماذا أفعل بالبضاعة الموجودة في شاحنتي؟»، يتابع أبو جميل بينما يضرب كفاً بكف. 


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها