× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

إمبراطورية «تحرير الشام»: المعابر «تَبيضُ» ذهباً وتُبيّضُ أموالاً

حكاياتنا - خبز 02-12-2021

يشكل «اقتصاد المعابر» ركناً أساسياً في المنظومة الاقتصادية التي فرضتها «هيئة تحرير الشام» في مناطق سيطرتها شمال غرب سوريا. وبفضل سيطرتها على كل المعابر التي تربط هذه المنطقة بسائر المناطق المجاورة باتت «الهيئة» قادرة على جني أموال، وتبييض أخرى

في معبر الغزاوية الذي يعد النقطة الفاصلة بين مناطق الحكومتين المؤقتة، والإنقاذ، يخضع كل شيء للتفتيش بدءاً من عداد المحروقات الخاص بالسيارة، وانتهاء بالبضائع الممررة ذهاباً وإياباً بين إدلب وريف حلب الشمالي.

كل شاحنة تمر سيدفع سائقها رسوماً وإتاوات محددة، فيما يراقب عناصر «هيئة تحربر الشام» ما يحمله المسافرون، والسائقون من المواد والسلع المحظورة، وهذه قد تكون «سحارة فليفلة»، أو خزان سيارة مملوءاً بالوقود، أو بضاعة لا تحمل «أوراق وزن».

وتد للبترول

سيطرت «هيئة تحرير الشام» على «الغزاوية» شتاء العام 2019، وكان أحد أهم أدواتها في تكريس منظومتها المالية. 

ضمِن المعبر تحكماً مطلقاً بتجارة المحروقات، بعد تأسيس شركة «وتد للبترول» التي يزعم القائمون عليها أنها «مدنية مستقلة»، في حين تؤكد المعلومات تبعيتها المطلقة لـ«الهيئة».

تؤكد مصادر خاصة لـ«صوت سوري» أن الشركة «تمتلك مخزوناً ضخماً من الديزل والبنزين المستورد»، وهي تتحكم بأسعار المحروقات بشكل كلي كونها تحتكر استيرادها من تركيا عبر معبر باب الهوى بموجب عقد مع إحدى الشركات التركية. 

وفيما يمكنها المخزون الكبير من المحروقات من تزويد الأسواق المحلية بها بلا توقف، تلجأ الشركة إلى سياسة العصا والجزرة. تشرح مصادرنا هذه السياسة بـ«تقليص كميات المحروقات المقدمة للكازيات أو الادعاء بعدم توافرها عشية أي هزة سعرية»، ويضيف «في حال وجود ارتفاع مقبل، يلجؤون إلى تخزين المحروقات بهدف تعطيش السوق، ثم البيع بأسعار أعلى».

تسبب احتكار الشركة للمحروقات بتوقف تجار المحروقات السابقين عن العمل، وعزوف بعض مالكي الكازيات (تجار التجزئة) عن هذه المهنة، وذلك نتيجة الإجراءات التي تمارسها «وتد» بحقهم، فهي تجبر التجار على شراء كميات محددة من المحروقات، كما تشترط دفع قيمة البضاعة حصراً في بنك شام الذي تمتلكه، ومقره مدينة إدلب، وذلك للاستفادة من فارق تصريف العملة.

ووفقاً لتقديرات المصادر ذاتها، لا تقل أرباح «وتد» عن مليون دولار شهريّاً، مع ترجيح تجاوز هذا الرقم.

تسيطر «تحرير الشام» على معبر باب الهوى منذ منتصف العام 2017، ولا تقتصر المنافع على تقاضي الرسوم، بل تشمل احتكار استيراد قائمة كبيرة من المنتجات والسلع

تتعرض «وتد للبترول» لانتقادات كثيرة من قبل السكان بسبب الارتفاع المستمر لأسعار المحروقات، الذي تبرره الشركة بتدني قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، وارتفاع أسعار النفط العالمية. 

وأدى غلاء المحروقات بنسبة لا تقل عن 60 بالمئة منذ تأسيس الشركة، إلى تقليص وزن ربطة الخبز بنسبة 100 بالمئة، كما أسهم في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، ما انعكس تأثيراً سلبياً مباشراً على السكان في ظلّ تدنٍّ غير مسبوق للقدرة الشرائية.

تجارة خارجية.. وتبييض أموال؟

برغم انخفاض الرسم الذي يُدفع على الجانب السوري من معبر باب الهوى الحدودي، فإنه يُراكم مبالغ يومية كبيرة تدخل خزينة «الهيئة» من دون حسيب أو رقيب، أو فهم لطريقة صرفه. 

تسيطر «تحرير الشام» على المعبر منذ منتصف العام 2017، ولا تقتصر منافع هذه السيطرة على تقاضي الرسوم الجمركية، بل تشمل أيضاً دخول مجال التجارة الخارجية من أوسع أبوابه، من خلال احتكار استيراد قائمة كبيرة من المنتجات والسلع، وعلى رأسها السكر، واللحوم، والأسماك، والخضروات والفواكه، والمشتقات النفطية، وغيرها. 

تسبب احتكار «وتد» لتجارة المحروقات بتوقف التجار وبعض مالكي الكازيات عن العمل نتيجة الإجراءات التي تمارسها بحقهم

الأخطر من كل ما سبق، وفق ما يوضح تاجر من المنطقة لـ«صوت سوري» أن «هدف الهيئة من دخول مجال التجارة الخارجية لا يقتصر على تحقيق أرباح من عملية الإتجار في حد ذاتها (أحياناً تكون الأرباح ضئيلة نظراً للرغبة في تصريف البضائع بأثمان تقارب قيمة الكلفة)، بل يتعلق بشكل أساسي بغسيل الأموال»، وهو نشاط مضمون في بيئة «مثالية» تعمها الفوضى.

من جانبه، يؤكد الباحث الاقتصادي يونس الكريم وجود عمليات غسيل الأموال التي يتحدث عنها التاجر السوري. ويتحدث عن «معلومات تثبت علاقة تحرير الشام مع أمراء حرب من الدائرة المقربة من حكومة دمشق مع وجود تنسيق في تجارة المخدرات». 

يوضح الكريم أن «هذه النشاطات غير المشروعة تحتاج إلى نوع من الشرعنة الذي تؤمنه عمليات غسيل الأموال، في ظل استمرار تدفق حوالات التمويل الضخمة المتدفقة إلى هيئة تحرير الشام، وهي حوالات تتدفق باتجاهين وتشير إلى وجود عمليات غسيل أموال لصالح أطراف كثيرة، وهو أمر خطير للغاية». 

تفرض إدارة المعبر رسوماً «لصالح التربية والتعليم» بمقدار 10 دولارات عن كل شاحنة بضائع، بحسب ما يؤكده مدرسون من المنطقة لـ«صوت سوري»، وهو ما يثير استياء العاملين في مجال التربية والتعليم لأن «نسبة تتجاوز الـ50 بالمئة منهم يعملون متطوعين، ولا يتقاضون مستحقات مالية، إلا إن حالفهم الحظ وتمكنوا من توقيع عقد مع إحدى المنظمات الإنسانية تتكفل بدفع المستحقات».

يقول أحد المدرسين إن «قطاع التربية والتعليم يعاني من غياب التمويل، رغم الرسوم التي يتقاضاها معبر باب الهوى بذريعة دعمه، ما يثير الشكوك حول طريقة صرف تلك المبالغ».

ووفقاً للمدرس ذاته «يتقاضى العاملون في مجال التدريس مبالغ شهرية تتراوح بين 600 ليرة تركية، و100 دولار. فيما يدفع طلاب الشهادتين الأساسيتين (تاسع، بكالوريا) رسوماً عديدة مثل رسوم دخول الامتحانات التكميلية، من دون أن يحصل المدرس المراقب لهذه الامتحانات على مستحقات مالية كافية».

معابر سرية

تتزاحم الشاحنات المحملة بالرمل، والحصى، والحجر، والرخام على طريقي إدلب - بنش، ومعرة مصرين - بنش، باتجاه سراقب أو ميزناز. وتجري هناك، وبشكل سري، ترتيبات «تبادل تجاري» مع مناطق سيطرة دمشق. 

باءت جميع محاولات الافتتاح العلني لمعبري سراقب، وميزناز، بين إدلب ومناطق سيطرة دمشق بالفشل، وتعزو مصادر عديدة ذلك الفشل إلى «الرفض الشعبي» في إدلب، خاصة بعد توسع سيطرة دمشق نحو سراقب، ومعرة النعمان، وريفي حلب الجنوبي والغربي. لكن البضائع تعبر بشكل سري، إذ تحرص «تحرير الشام» على إيجاد أسواق تصريف كبيرة لمنتجات استثماراتها العديدة في المقالع الحجرية في كفر تخاريم، والشيخ بحر، وغيرهما. 

تستخدم «الهيئة» معبري سراقب، وميزناز، بدلاً من معابر مورك، والمنصورة، والراشدين، التي أُغلقت منتصف العام 2019، بعد سيطرة دمشق على مناطق واسعة في أرياف حلب، وحماة، وإدلب.

كررت «الهيئة» في بيانات رسمية القول إن افتتاح المعابر مجدداً، سينشط اقتصاد مناطق المعارضة، عبر إيجاد أسواق تصريف للمنتجات المحلية، كما جمعت تواقيع تجار عديدين في مجالات كثيرة، في العام 2020، يطالب أصحابها بافتتاح المعبرين، لـ«مواجهة الكساد الذي طاول قطاع الإنتاج المحلي في إدلب».

ولم توفر «الهيئة» طريقة يمكنها الإفادة عبرها من التحكم بالمداخل والمخارج إلا واستثمرتها، بما في ذلك عمليات تهريب البشر إلى داخل الأراضي التركية.

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0