× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

زوجات مفقودي الرقّة: «لسان الناس ما يرحم»

حكاياتنا - خبز 06-03-2022

على امتداد السنوات الماضية فقدت كثير من نساء الرقة أي أثر لأزواجهنّ في ظروف مختلفة، وانقطعت أخبارهم وسط تعقيدات بالغة تفتح الباب أمام احتمالات كثيرة لمصير المفقودين. بعد سنوات من الانتظار تقرر بعض النسوة الزواج، فيما تصرّ نسوة أخريات على الانتظار برغم ما يضعهنّ ذلك تحته من ضغوط مجتمعية هائلة فوق مصائبهن

الصورة: (UNHCR - فليكر)

فقدت فاطمة الأحمد (30 عاماً) زوجها في العام 2017 خلال موجات النزوح التي شهدتها مدينة الرقة إبان المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم من «التحالف الدولي»، لطرد تنظيم «داعش» المتطرف الذي حوّل المدينة عاصمةً لـ«خلافته» منذ العام 2014.

تروي فاطمة أنها خرجت هي وزوجها رفقة بقية أفراد عائلة الزوج، وكانت النية التوجه إلى إحدى قرى ريف الرقة الشمالي، لكن الزوج قرر أن يعود إلى المنزل أملاً في الحفاظ عليه من سرقة محتوياته وسط الفوضى والمعارك.

وعلى امتداد السنوات الماضية فقدت كثير من نساء الرقة أي أثر لأزواجهنّ في ظروف مختلفة، وانقطعت أخبارهم وسط تعقيدات بالغة تفتح الباب أمام احتمالات كثيرة لمصير المفقودين، ما بين القتل على يد تنظيم «داعش» المتطرف والدفن في مقبرة جماعية، أو السقوط بين ضحايا المعارك وقصف طيران «التحالف الدولي»، أو الاعتقال على يد قوات سوريا الديمقراطية، وغير ذلك من الاحتمالات. 

وبعد مضي سنوات قررت شريحة من زوجات المفقودين الزواج مرة ثانية، واختارت أخريات الانتظار والصبر ومواجهة العديد من المصاعب، مثل مسؤولية الأطفال والأسرة، والكفاح منفردات للعب دوري الأم والأب، وما يرافق ذلك من نظرات سلبية توجهها عيون المجتمع إلى النساء العاملات، لا سيما اللواتي سبق لهن الزواج، سواء كانت واحدتهنّ مطلقة، أو أرملة، أو زوجة مفقود.

Pete Kreiner - كارتون موفمينت

التمسك بالأمل

منذ نحو عامين تتعرض فاطمة إلى ضغوط كبيرة من أهلها بعد أن تقدم لخطبتها عدد من الراغبين في الزواج منها، لكنها ما زالت ترفض الرضوخ، وتتمسك بالانتظار على أمل أن يعود زوجها، خاصة مع ورود أخبار غير مؤكدة عن احتمال وجوده في أحد سجون قوات سوريا الديمقراطية منذ العام 2017.

ويشير تقييم أصدرته «اللجنة الدولية لشؤون المفقودين / ICMP» في العام 2020 إلى أن «أسر المفقودين لم تتلق إجابات شافية من قوات سوريا الديمقراطية بشأن أماكن وجود ذويها المفقودين، على الرغم من تأكيد أسر متعددة أن أبناءها محتجزون الآن مع سجناء داعش».

ترى فاطمة أن إجبارها على رفع دعوى تفريق للطلاق من زوجها أمام المحاكم بسبب طول فترة الغياب، والزواج من رجل آخر هو أمر «حرام شرعاً». 

تعمل فاطمة اليوم مُدرسة لتلاميذ مرحلة التعليم الأساسي، في «مدرسة سكينة للبنات» وسط مدينة الرقة. وتقول إنها تستطيع إعالة نفسها، وتحمل مصاعب الحياة، وإنه من الأولى انتظار زوجها والتمسك بالأمل، فلا معلومات مؤكدة عن وفاته، ووجوده حيّاً أمرٌ وارد، وفق ما قالت السيدة الثلاثينية لـ «صوت سوري».

قررت شريحة من زوجات المفقودين الزواج مرة ثانية، واختارت أخريات الانتظار، والعمل لإعالة أطفالهن، ومواجهة النظرة السلبية التي يوجهها المجتمع إلى النساء العاملات، لا سيما اللواتي سبق لهن الزواج، سواء كانت واحدتهنّ مطلقة، أو أرملة، أو زوجة مفقود

وفي العام 2020 قدّر تقرير «اللجنة الدولية لشؤون المفقودين» المذكور أعلاه عدد المفقودين (والمفقودات) في سوريا بأكثر من 100 ألف، والنسبة الأكبر من الذكور.

وأشار التقرير على وجه الخصوص إلى تعقيد الوضع في محافظتي الرقة ودير الزور اللتين «شهدتا ظهور جهات فاعلة عديدة بعد انسحاب القوات المسلحة السورية في العام 2013، وبعد فترة قصيرة من سيطرة جماعات المعارضة المسلحة، بسط تنظيم داعش سيطرته على أجزاء كبيرة من المنطقة في العام 2014، ففرض تدابير صارمة وقتل وخطف الآلاف. وفي الفترة السابقة للهزيمة النهائية لداعش في آذار 2018 شارك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة (بالشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية) في غارات جوية ومعارك برية ضارية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 مدني، ولا تزال رفات الكثير من القتلى على يد التحالف الدولي مفقودة، بحيث أن الجثث إما دُفنت على عجل أو لم تُدفن على الإطلاق، ومن ثم اختفت».

الرقة 2018 / Ansar Raza - فليكر

«هم الأولاد»

تختلف الظروف من سيدة إلى أخرى، ومن عائلة إلى ثانية.

لم تجد فاتن سليمان (33 عاماً) من يعينها في إعالة أطفالها الثلاثة، وأكبرهم بعمر 10 أعوام، بعد أن اعتُقل زوجها على حاجز للأمن السوري أثناء رحلة مع والدته قبل نحو ست سنوات إلى العاصمة دمشق، ووُجهت إلى الزوج تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي».

تشرح فاتن أنه بعد فقدان زوجها بنحو عام أرسل الأمن السوري شهادة وفاة إلى أسرة زوجها، تسلمها أحد أقرباء العائلة من القاطنين في مدينة دمشق، وأبلغ الأسرة بالوفاة عن طريق مكالمة هاتفية، لكن من دون تسليم جثمان المتوفى برغم محاولات العائلة المتكررة.

وبرغم افتقاد فاتن لزوجها الأول، قررت الزواج مرة أخرى بسبب «همّ الأطفال، ومصاريفهم، وضرورة تأمين مستقبل مناسب لهم»، وهي أشياء «يستحيل تحقيقها في حال بقي الأولاد الثلاثة بدون سند يعيلهم، ويقف بجانبهم أمام محن الحياة». 

BBC/ ISMAIL MONEER

أطر قانونية وشرعية

يحق لزوجة المفقود أو الغائب الزواج برجل آخر «في حال تأكدت البينة التي تثبت وفاة الزوج الأول، أو بسبب طول فترة الغياب، ويحصل ذلك بعد حكم تفريق يصدره القاضي الشرعي في المنطقة بسبب غياب الزوج لمدة لا تقل عن سنة» وفقاً لما يقوله علي الشعيب، من دار الإفتاء في مؤسسة الشؤون الدينية في مدينة الرقة.

ويضيف الشعيب أن «بعض النساء ممن يملكن أخباراً عن أزواجهن الغائبين لا يقع عليهنّ حكم التفريق بعد عام، إلا في بعض الحالات التي تراعي الظروف المعيشية، أو الاجتماعية المحيطة بالمرأة».

فيما يقول الحقوقي مشلب الدرويش إنه «يحق لزوجة المفقود طلب الطلاق والتفريق من زوجها في حال أثبتت غيابه، كما يحق لها الزواج برجل آخر حال الانتهاء من فترة العدة الشرعية عقب صدور حكم الطلاق عن القاضي الشرعي».

ويضيف: «تعاليم الدين الإسلامي في حكم الزوج المفقود أو الغائب تتوافق مع أحكام ومواد القانون السوري، على اعتبار أن الإسلام هو المصدر الرئيس للتشريعات والقوانين في سوريا، وخصوصاً في شق قانون الأحوال المدنية، والشخصية».

وتتطلب دعوى التفريق إجراءات عديدة، منها «ضرورة إشهارها على العلن، أو من خلال الصحف الرسمية في حال وجودها، أو من خلال وجود أقارب للزوج المفقود يُصار إلى توكيلهم من قبل القاضي الشرعي لإتمام إجراءات الطلاق والتفريق» وفقاً للمشلب.

ويميز القانون السوري بين المفقود والغائب، فالمفقود هو «كل شخص لا تُعرف حياته أو مماته، أو تكون حياته محققة ولكن لا يعرف له مكان». أما الغائب فهو «شخص حي ولكن موقعه ومكان وجوده غير معلوم». 

ويشير المُشرّع إلى أن «القوانين التي تطبق على المفقود يمكن سريانها على الغائب أيضاً إذا منعت الظروف القاهرة هذا الشخص من الرجوع إلى مقامه أو إدارة شؤونه مدة أكثر من سنة»، ويُطبق هذا في قضايا الطلاق والتفريق بشكل خاص، أما قضايا الميراث فتستوجب انقضاء أربعة أعوام على الفقد، لاستصدار حكمٍ باعتبار الشخص ميتاً.

نساء_سوريا الرقة الأحوال_الشخصية المفقودون_في_سوريا قسد داعش

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها

مقالات رائجة

This work by SOT SY is licensed under CC BY-ND 4.0