× الرئيسية
ملفاتنا
المستشارة
النشرة البريدية
تَواصُل
من نحن
اختر محافظة لتصفح المقالات حلب
الرقة
الحسكة
دير الزور
اللاذقية
طرطوس
إدلب
حماة
حمص
دمشق
القنيطرة
درعا
السويداء
ريف دمشق

المجتمع الأهلي في حوران: جسور فوق الفخاخ

عقل بارد - على الطاولة 31-10-2020

إن دراسة التجربة تخلّف انطباعاً راسخاً بقدرة المجتمع المحلي في حوران على تجاوز كل الفخاخ والمطبات التي تفرضها الظروف، أو تختلقها بعض الجهات ذات المصلحة في تأزيم العلاقة وتفجيرها

تستحق تجربة الناشطات والناشطين، وبعض قطاعات المجتمع الأهلي في حوران، التوقف عندها. نعني تحديداً استجابات هذه القطاعات لبعض التوترات الطارئة، التي تنشأ بين وقت وآخر في المنطقة.

في خلال النقاشات المفتوحة بيننا وبين شركائنا في المجتمع المدني في محافظتي درعا والسويداء، استرعى انتباهنا واحد من أحدث تدخلات الناشطين المجتمعيين في إطار احتواء التوترات. 

تعود التجربة إلى شهر نيسان الماضي، على خلفيّة توتر بين بعض المجموعات في المحافظتين المتجاورتين. وقتها، حُبست الأنفاس خشية من انزلاق الحدث خارج نطاق السيطرة، واتّساع نطاقه، لا سيما وسط تزايد التجييش الإعلامي من قبل بعض المنابر، والوسائل الإعلامية.
وقتذاك، بادر بعض الناشطين، والإعلاميين من المحافظتين، إلى صياغة مسودّة بيان أسموه «بيان حسن الجوار بين سهل وجبل حوران». 

بعد التوافق على الصيغة الأمثل، باشروا اتصالات مع عدد من الوجهاء والوجوه المجتمعيّة والشخصيات المفتاحية الفاعلة في درعا والسويداء. 

قوبلت المبادرة بتجاوب فوري ولافت. كان الجميع على ما يبدو في انتظار مبادرة من نوعٍ ما، وجاءت مسودة البيان في وقتها المناسب. 

تعرضت المبادرة لبعض الانتقادات، في ما يتعلق تحديداَ باستخدام تسمية «بيان حسن جوار»، وكان رأي المنتقدين أن هذه التسمية تُستخدم في حالة دولتين متجاورتين، لا في حالة محافظتين كلّ منهما امتداد للأخرى.

لكنّ المعطيات تقول إن المبادرة كانت تنم عن فهم واعٍ لكثير من التفاصيل، على رأسها أنّ إيقاظ مشاعر الجيرة، واستدعاء التاريخ الحافل بالمشتركات كان حجر الزاوية في كبح مشاعر الاحتقان. فضلاً عن أن قضية «حسن الجوار» حاضرة فعلاً في تاريخ المنطقة، بعيده وقريبه. 

كذلك؛ حضرت في البيان عناصر أخرى شديدة الأهمية، مثل التذكير بالضرر الذي تلحقه الخلافات بمصالح السهل والجبل، والتأكيد على ضرورة إنهاء الملفات الإشكالية الكفيلة بتفخيخ العلاقة بين الأهل في المحافظتين، والبحث في تفعيل العلاقات الاقتصادية.

يبدو جليّاً أن فواعل المجتمع الأهلي، والناشطات والناشطين، يمتلكون رصيداً يؤهل لمواصلة لعب دور في احتواء الاحتقان، بالاستناد إلى الوعي الجمعي في حوران

تندرج المبادرة المذكورة في إطار الوساطات الداخلية، التي تعرّفها الأمم المتحدة، بكونها «عملية دعم المفاوضات – فضلاً عن مجموعة متنوعة من الأشكال الأخرى من الحوار – لمنع، وإدارة، وتسوية النزاعات». وهي، وفقاً للمصدر نفسه، تتميز بـ«إشراك شخصيات أو مؤسسات ذات مصداقية وذات صلة داخلية بالنزاع، تكون قادرة على استخدام تأثيرها ومصداقيتها لتلعب دوراً للتأثير على مسار النزاع بصورة بنّاءة».

إن دراسة المبادرة - رغم بساطتها الظاهرية للوهلة الأولى - تخلّف انطباعاً راسخاً بقدرة المجتمع المحلي في حوران على تجاوز كل الفخاخ والمطبات التي تفرضها الظروف، أو تختلقها بعض الجهات ذات المصلحة في تأزيم العلاقة وتفجيرها. ويبدو جليّاً أنّ فواعل المجتمع الأهلي، والناشطات والناشطين، يمتلكون رصيداً يؤهل للاستمرار في لعب هذا الدور، بالاستناد إلى الوعي الجمعي في حوران، وإلى تأثير الجهات والشخصيات والمفتاحية.

في حزيران من العام 2017، أصدر معهد الولايات المتحدة للسلام، كتيّباً بعنوان «غيض من فيض - تجـــارب ميدانـيـــة فــي مجــــال تسـوية النزاعـات وبنـاء السـلام» يستعرض عدداً من التجارب المشابهة من حيث المبدأ، وإن اختلفت الظروف، في الوساطات المحليّة لاحتواء الأزمات. من بين الخلاصات الهامة التي يصل إليها معدّو الكتيّب أنّ «التدخل للحد من التصعيد أو الانتقام، أو تسوية الخلافات وتيسير التسويات، عادة مترسخة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (...) يعتبر الكثير من هذه الاستراتيجيات وتكتيكات تيسير الحوار إرثاً متنقّلاً (...) وتتمتع منطقــة الـشـرق الأوســط وشــمال أفريقيــا بخصوصيــة تميزها عــن غيرها للاســتجابة للحاجــات الطارئــة، التــي يجــب الحفاظ عليهــا، والترويج لهــا، على أنها السياق الفعلي».

نعم، هذا هو السياق الفعلي في حوران، وهذا ما قرأه العلماء والمنقّبون في نقش عمره آلاف السنوات.

مراجع 

- دعم الوساطة الداخلية - تعزيز القدرة على مجابهة النزاعات والاضطرابات / موجز توجيهات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

- توجيهات الأمم المتحدة من أجل الوساطة الفعالة

- غيض من فيض / معهد الولايات المتحدة للسلام


Share!

لا يتبنى «صوت سوري» أي توجه مسيس للملف السوري ولا تقف وراءه أي جهة سياسية.
نحن نراهن على دعمك لنا في الوصول إلى جميع السوريين والسوريات.

إذا رأيت أن خطابنا يستحق الوصول انشري / انشر هذا المقال من فضلك

لديك تصويب أو ملاحظة؟ تفضل/ي بالتعرف إلى محررة القراء والتواصل معها