مضت تسع سنوات لم نلمس فيها الثلج في الثلاجة. اتهمنا البراد مراراً وتكراراً بأنه عاطل مثل أيامنا، وبدّلنا الغاز الذي لا يتسرب، كما بدّلنا الكاوتشوك الذي يغلف اﻷبواب، لكن ذلك كله لم يمنع الصراصير من محاولة احتلال الجزء اﻷعلى من البراد بعد أن احتلّت الجزء الأسفل
جلسة واحدة في فندق «داما روز»، أو «فورسيزنز»، أو «شيراتون» كافية لتعطي صورة أوضح عن أولئك الذين يعيشون فوق خط الغنى بكيلومترات، الأشخاص الذين يزدادون غنى مع كل حالة فقر جديدة، ومع كل ربطة خبز نعجز عن تأمينها
البلاد حلبة مـصارعة عملاقة، ولا يوجد من يقرع جرس النهاية! المُصارع في الحارة، وفي الدكان، وعلى الرصيف، وإشارة المرور. المصارع الذي لا يعترف أنه مثلك مهانٌ أمام القصر العدلي، وفي دائرة النفوس، وأمام شوفيرية السرافيس والتكاسي
تذكرت الكثير من المعارك، لعبة المد والجزر، الدعم والمنع، تذكرت أيضاً اللعبة السياسية، والاجتماعات السياسية التي لا تنتهي، ولن تنتهي، ضحكت وأنا أتخيل شكل الجزرة الممدودة أمامنا، والسوط المنهال على ظهورنا
ها أنت الآن تلف نفسياً، وتلف تاريخياً، وتلف تبغياً، ويلف البلد بأكمله معك، وكلاكما مليء بإحساس المهانة، وخسارة المعركة مع دولاب البلاد القدري هذا، معركة لا يمكن ربحها حتى ولو على مستوى باكيت إليغانس!
ينقطع حديث السينما مع دخول أمي بعد ساعات من خروجها لجلب الخبز برفقة بطاقتنا الذكية، تخبرنا بأن سعر ربطة الخبز ارتفع مرة جديدة فبات 200 ليرة، ومع كيس نايلون شفاف. كم يحبون الشفافية!
كان خالد ينتظر كل شهر مرور صديقه الذاهب من مدينة اعزاز إلى إدلب، ليرسل مبلغ ٢٠٠ ليرة تركية لأمه التي تسكن أحد مخيمات الشمال. لا يستطيع خالد دخول منطقة سكن أمه لأنها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وهو يعمل مع الجيش الوطني